رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ الإنزال في هذه الآية على ظاهره: إنزال اللباس من ظهور الأنعام، من أصواف، وأوبار، وأشعار، فإنّه على ظهور الأنعام لا يُنتفع به حتّى
ينزل.
ثمّ قال: " وقد قيل فيه: خلقناه، وقيل: أنزلنا أسبابه، وقيل: ألهمناهم كيفية صنعته. وهذه الأقوال ضعيفة "(١).
وسبب ترجيح الشيخ لهذا القول: سدّ الباب على أهل البدع لئلا يتوصّلوا إلى أغراضهم ومذاهبهم الباطلة احتجاجاً بأقوال بعض المفسّرين. وقد عقد الشيخ فصلاً في نزول القرآن، ولفظ النزول، وممّا جاء فيه: " فإنّ كثيراً من الناس فسّروا النزول في مواضع من القرآن بغير ما هو معناه المعروف، لاشتباه المعنى في تلك المواضع، وصار ذلك حجّة لمن فسّر نزول القرآن بتفسير أهل البدع "(٢).
ثمّ ذكر تفسير بعض الجهميّة للإنزال بالخلق، وتفسير بعض الكلابيّة(٣)له بالإعلام به وإفهامه للملَك، أو نزول الملَك بما فهمه، فقال: " وهذا الذي قالوه باطل في اللغة والشرع والعقل "(٤).
٩- الردّ على بعض أهل السنّة:

(١) مجموع الفتاوى: ١٢/٢٥٥.
(٢) السابق: ١٢/ ٢٤٦.
(٣) هم أتباع عبد الله بن سعيد بن كُلاّب، كان من المثبتين للصفات، لكنّه أوّل من عُرف عنه إنكار قيام الأفعال الاختياريّة بذات الربّ، وأنّ القرآن معنى قائم بالذات، وأنّ الله لا يتكلّم بمشيئته وقدرته، وإنّما هو متّصف بالصفات التي ليس له عليها قدرة، ولا تكون بمشيئته، وأمّا ما يكون بمشيئته فهو حادث، واربّ تعالى لا تقوم به الحوادث، لذا كان الإمام أحمد بحذّر منهم، لكنّهم كما ذكر الشيخ فيهم قرب من أهل السنّة. ( ينظر: مجموع الفتاوى: ٥/٥٣٣، ٦/٥٥، والتحفة المدنيّة في العقيدة السلفيّة لحمد آل معمّر ( الرياض: دار العاصمة ): ص١١٧).
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى: ١٢/ ٢٤٧. وينظر ص: ٣٩١ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon