وسبب ترجيح الشيخ: ما ذكره قبل ذلك عن بعض الفقهاء بقوله: " وممّا يغلط فيه بعض الأذهان في مثل هذا، أن يحسب أنّ بين أوّل الكلام وآخره تناقضاً، وهذه شبهة من شبهات بعض الطماطم(١)من منكري العموم، فإنّهم قالوا: لو كانت هذه الصيغ عامّة؛ لكان الاستثناء رجوعاً أو نقصاً، وهذا جهل.. ".
إلى أن قال: " وكثيراً ما قد يغلط بعض المتطرّفين من الفقهاء في مثل هذا المقام، فإنّه يُسأل عن شرطِ واقفٍ أو يمينِ حالفٍ ونحو ذلك، فيرى أوّل الكلام مطلقاً أو عاماً، وقد قُيّد في آخره، فتارة يجعل هذا من باب تعارض الدليلين، ويحكم عليهما بالأحكام المعروفة للدلائل المتعارضة من التكافؤ والترجيح. وتارة يرى أنّ هذا الكلام متناقض، لاختلاف آخره وأوّله، وتارة يتلدّد(٢)تلدّد المتحيّر، وينسب الشاطر إلى فعل المقصّر، وربّما قال: هذا غلط من الكاتب. وكلّ هذا منشؤه عدم التمييز بين الكلام المتّصل، والكلام المنفصل.. "(٣).
؟ قوله تعالى: ﴿ فإذا انسلخ الأشهر الحرم.. ﴾[التوبة: ٥].
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ الأشهر الحرم في هذه الآية، ليست هي الأشهر المعروفة، وإنّما هي أشهر السياحة.
قال: " وهذه الحرم المذكورة في قوله: ﴿ فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم.. ﴾، ليس المراد الحرم المذكورة في قوله:﴿.. منها أربعة حرم.. ﴾
[التوبة: ٣٦]، ومن قال ذلك فقد غلط غلطاً معروفاً عند أهل العلم "(٤).
١٤- تصحيح مفهوم خاطىء:
ومن ذلك:

(١) الطمطمة: العجمة، والطِّمطِم، والطُّماطِم والطُّمطُمانيّ: هو الأعجم الذي لا يفصح. ( ينظر: لسان العرب: ٤/٢٧٠٦، مادة: طمم ).
(٢) التلدّد: التلفّت يميناً وشمالاً تحيّراً. ( ينظر: المصدر السابق: ٥/٤٠١٩، مادة: لدد ).
(٣) مجموع الفتاوى: ٣١/١١٣، ١١٤. وينظر: ص ٤٩٢ من هذه الرسالة.
(٤) منهاج السنّة: ٤/٢٧٩. وينظر: ص ٤٩٥ من هذه الرسالة. وينظر ـ للاستزادة ـ: مجموع الفتاوى: ٢٥/١٣٣.


الصفحة التالية
Icon