رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذه الآية قراءة الجمهور بضمّ الياء الثانية، وإنّما حمله على ذلك: ما ذهب إليه الزجّاج(١)من ترجيح القراءة الأخرى بفتح الياء، وأنّها الاختيار عند البصراء بالعربيّة(٢).
هذا ما ظهر لي من أسباب الاختيار والترجيح عن الشيخ ـ رحمه الله ـ، وهي تدلّ على علوّ شأنه، وارتفاع قدره، حيث نذر نفسه لنصرة هذا الدين، ونفي تحريف الغالين، وانتحال المبطلين. والله تعالى أعلم.
﴿ الفصل الثاني ﴾
صيغ الاختيار والترجيح في التفسير
وأساليبه عند ابن تيميّة
وفيه مبحثان:
المبحث الأوّل: صيغ الاختيار في التفسير
وأساليبه عند ابن تيميّة
المبحث الثاني: صيغ الترجيح في التفسير
وأساليبه عند ابن تيميّة
صيغ الاختيار والترجيح في التفسير وأساليبه
عند ابن تيميّة(٣)
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد سبق أنّ الشيخ ـ رحمه الله ـ كانت له عناية كبيرة بالاختيار والترجيح في التفسير، بل هو في غالب تفسيره يختار أو يرجّح ما يراه بالدليل والبرهان، شأنه شأن المجتهدين من أهل العلم والتحقيق، وللشيخ في ذلك صيغ وأساليب كثيرة، ومتنوّعة، تدلّ على تبحّره في هذا الفنّ. وقد قمت باستقرائها وتتبّعها في الآيات التي هي محلّ الدراسة، فظفرت بعدد كبير منها. وقد قسمتها إلى قسمين:

(١) أبو إسحاق إبراهيم بن السرّيّ بن سهل الزجّاج الإمام النحويّ المعروف، له كتاب "معاني القرآن"، أخذ عنه العربيّة: أبو عليّ الفارسيّ وجماعة، مات سنة: إحدى عشرة وثلاث مئة. ( ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٤/٣٦٠، وإنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطيّ ( القاهرة: دار الفكر العربيّ ): ١/١٩٤ ).
(٢) ينظر: جامع المسائل: ١/١١٢. وينظر: ص ٣١٥ من هذه الرسالة.
(٣) هذا الفصل والذي بعده، متمّمان لما كتبه الباحث الزميل محمّد بن زيلعي هندي في الجزء الذي سبقني إليه من اختيارات الشيخ، لذا آثرت الاختصار ـ لا سيّما في التأصيل ـ تجنّباً للتكرار.


الصفحة التالية
Icon