وقيل: " هي ما يوضح عن المراد لا بالوضع، تؤخذ من لاحق الكلام الدالّ على خصوص المقصود أو سابقه"(١). وهي من وجوه الاختيار المعتبرة عند الشيخ.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتب حلّ لكم.. ﴾[ المائدة: ٥ ].
اختار الشيخ ـ رحمه الله ـ عموم لفظ الطعام في كلّ ما يؤكل من فاكهة ولحم وغيرهما، لكنّ تناوله للّحم أقوى من تناوله للفاكهة، بدلالة القرينة، وقد بيّن ذلك الشيخ بقوله: " الرابع: أنّ لفظ الطعام عامّ، وتناوله اللحم ونحوه أقوى من تناوله للفاكهة، فيجب إقرار اللفظ على عمومه، لاسيّما وقد قُرن به قوله تعالى: ﴿.. وطعامكم حلّ لهم.. ﴾، ونحن يجوز لنا أن نطعمهم كلّ أنواع طعامنا، فكذلك يحلّ لنا أن نأكل جميع أنواع طعامهم "(٢).
١٠. عادة العرب:
عادة العرب هي عرفهم المتوارث، والقرآن إنّما نزل بلغة العرب، فمراعاة ما تعارفوا عليه وجه من وجوه الاختيار المعتبرة، وقد نصّ على ذلك الشيخ.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. والمحصنت من الذين أوتوا الكتب.. ﴾[ المائدة: ٥ ].
سبق اختيار الشيخ ـ رحمه الله ـ في هذه الآية، وهو أنّ الإحصان في هذه الآية يتناول الحريّة مع العفّة، ومن الوجوه التي احتجّ بها الشيخ على هذا الاختيار: عادة العرب، فإنّه قال: ".. ثمّ عادة العرب أنّ الحرّة عندهم لا تُعرف بالزنى، وإنّما تُعرف بالزنى الإماء.. ".
إلى أن قال: " فصار في عرف العامّة أنّ الحرّة هي العفيفة "(٣).
١١. السياق القرآني:
وهو الغرض الذي سيقت من أجله الآية، أو الآيات، سباقاً ولحاقاً. وهو من أقوى الوجوه المعتبرة في الاختيار والترجيح(٤).
(٢) الفتاوى الكبرى: ٢/ ١٨٣. وينظر: ص ١٤٥ من هذه الرسالة.
(٣) مجموع الفتاوى: ٣٢/ ١٢٢. وينظر: ص ١٦٢ من هذه الرسالة.
(٤) ينظر: قواعد الترجيح عند المفسّرين: ١/ ١٢١.