؟ ما ذكره الشيخ عند قوله تعالى: ﴿ هل ينظرون إلا تأويله.. ﴾[ الأعراف: ٥٣ ]، فقد رجّح أنّ المراد بالتأويل في هذه الآية وأمثالها: حقيقة ما يؤول إليه الكلام، وإن وافق ظاهره، خلافاً لما اصطلح عليه المتأخّرون من قولهم إنّ التأويل صرف اللفظ عن ظاهره لدليل.. وذكر أنّ ذلك هو عرف القرآن.
قال ـ رحمه الله ـ: " وقد عُرف أنّ التأويل في القرآن هو الموجود الذي يؤول إليه الكلام وإن كان ذلك موافقاً للمعنى الذي يظهر من اللفظ، بل لا يُعرف في القرآن لفظ التأويل مخالفاً لما يدلّ عليه اللفظ، خلاف اصطلاح المتأخّرين "(١).
٥. السياق القرآني:
وقد سبق الحديث عنه في أوجه الاختيار، وهو من أوجه الترجيح أيضاً.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ سمّعون للكذب سمّعون لقوم ءاخرين لم يأتوك.. ﴾[ المائدة: ٤١ ].
فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ اللام في هذه الآية في الموضعين: لام التعدية، خلافاً لمن قال إنّها لام ( كي ). وقد ذكر عدداً من وجوه الترجيح، منها: السياق.
قال ـ رحمه الله ـ: " ومن قال إنّ اللام لام ( كي )، أي: يسمعون ليكذبوا لأجل أولئك؛ لم يصب، فإنّ السياق يدلّ على أنّ الأوّل هو المراد "(٢).
؟ قوله تعالى: ﴿.. وهو يُطعِم ولا يُطعَم.. ﴾[ الأنعام: ١٤ ].
سبق أنّ الشيخ ـ رحمه الله ـ رجّح قراءة الجمهور بالضمّ: ( ولا يُطعَم )، خلافاً لما ذهب إليه الزجّاج من ترجيح قراءة الفتح. ومن الوجوه التي احتجّ بها الشيخ: دلالة السياق، حيث ذكر أنّ هذه الآية لم تسق لبيان تنزّهه عن الأكل، وإنّما سيقت لبيان غناه عنهم، وامتناع إحسانهم إليه، فإنّه يطعمهم وهم لا يطعمونه. وهذا الوصف دالّ على المقصود(٣).
٦. نظم الآية:

(١) مجموع الفتاوى: ١٧/ ٣٦٨.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٥/ ١٢٩. وينظر: ص ٢٣٥ من هذه الرسالة.
(٣) ينظر: جامع المسائل: ١/ ١١٤، ١٤٠. وينظر: ص ٣١٥ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon