وقد سبق قريباً ترجيح الشيخ ـ رحمه الله ـ قراءة الضمّ: ( ولا يُطعِم )، وذكر أنّها: " القراءة المتواترة التي بها يقرأ جماهير المسلمين قديماً وحديثاً، وهي قراءة العشرة وغيرهم "(١).
٩. عود الضمير إلى القريب:
وهو من الوجوه المعتبرة في اللغة أيضاً(٢).
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. فأنسه الشيطن ذكر ربّه فلبث في السجن بضع سنين ﴾ [يوسف: ٤٢ ].
رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ عود الضمير في قوله: ﴿.. فأنسه الشيطن ذكر ربّه.. ﴾ إلى الناجي من الفتيين. وممّا احتجّ به أنّ: " الضمير يعود إلى القريب إذا لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك "(٣).
١٠. وقت النزول:
إنّ معرفة وقت نزول الآيات أو السورة له أثر في الترجيح عند الاختلاف، وهو من وجوه الترجيح عند الشيخ.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ ولا تطرد الذين يدعون ربّهم بالغدوة والعشيّ يريدون وجهه.. ﴾[ الأنعام: ٥٢ ].
فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّ هذه الآية ليست مختصّة بأهل الصفّة، ولا نزلت فيهم، فإنّ هذه الآية نزلت في مكّة، ولم يكن بمكّة صفّة(٤).
؟ قوله تعالى: ﴿ لقد جاءكم رسول من أنفسكم.. ﴾[ التوبة: ١٢٨ ].
قد سبق ترجيح الشيخ في هذه الآية، وهو أنّ الخطاب لجميع الناس، وممّا احتجّ به الشيخ أنّ سورة براءة من آخر القرآن نزولاً، وقد نزلت بعد دعوة الروم والفرس والقبط، فناسب ذلك القول بعموم الخطاب لجميع الناس(٥).
١١. النظائر:

(١) جامع المسائل: ١/٠١١١. وينظر: ص ٣١٥ من هذه الرسالة.
(٢) ينظر: شرح التسهيل لابن مالك ( دار الهجرة ): ١/ ١٥٧، والنحو الوافي لعبّاس حسن ( مصر: دار المعارف ): ١/ ٢٦١.
(٣) مجموع الفتاوى: ١٥/ ١١٢. وينظر: ص ٦٤٠ من هذه الرسالة.
(٤) ينظر: جامع المسائل: ٢/ ٨٣. وينظر: ص ٣٢٦ من هذه الرسالة.
(٥) بنظر: تفسير آيات أشكلت: ١/٢٣٦، والردّ على المنطقيّين: ص٥٤٠. وينظر: ص ٥٥٢ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon