فقد رجّح الشيخ أنّ المعنى: لا يأتيكما طعام ترزقانه في المنام، إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما في اليقظة، خلافاً لمن قال إنّ إتيان الطعام في اليقظة لا في المنام. وممّا احتجّ به الشيخ: النظائر في السورة نفسها، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وكذلك يجتبيك ربّك ويعلّمك من تأويل الأحاديث.. ﴾[ يوسف: ٦ ]، وقوله: ﴿ ربّ قد ءاتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث.. ﴾[ يوسف: ١٠١ ]، وقوله: ﴿.. هذا تأويل رءيي من
قبل.. ﴾
[ يوسف: ١٠٠ ]، وقوله: ﴿.. أنا أنبّئكم بتأويله فأرسلون ﴾[ يوسف: ٤٥ ]، وقول الملك: ﴿.. أفتوني في رءيي.. ﴾[ يوسف: ٤٣ ]، فلفظ التأويل في هذه الآيات كلّها بمعنى واحد، وهو تأويل الرؤيا في المنام لا اليقظة(١).
١٢. العموم: ومنه:
أ ـ العموم اللفظي، وهو أن يكون لفظ الآية عامّاً، فيخصّصه بعض المفسّرين بما يتوهمّ أنّه مخصّص، وليس كذلك، فيترجّح إبقاء اللفظ على عمومه.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ يأيّها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا.. ﴾[ المائدة: ٦ ].
سبق ترجيح الشيخ ـ رحمه الله ـ في مقتضى الخطاب في هذه الآية، وهو أنّ كلّ قائم إلى الصلاة مأمور بما ذُكر من الغَسل والمسح، وهو الوضوء، ما لم يكن توضّأ من قبل، وذكر الشيخ أنّ الآية إذا أمرت القائم من النوم لأجل الريح التي خرجت منه بغير اختياره؛ فأمرها للقائم الذي خرج منه الريح في اليقظة أولى وأحرى، فتكون دلالة الآية على ذلك بطريق العموم اللفظي(٢).
ب ـ العموم المحفوظ، وهو أن يتنازع معنى الآية عمومان؛ أحدهما: محفوظ لم تُخصّ منه صورة. والآخر: مخصوص غير محفوظ.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. وما أهلّ لغير الله به.. ﴾[ المائدة: ٣ ].

(١) ينظر: مجموع الفتاوى: ١٧/٣٦٥، ٣٦٦. وينظر: ص ٦٣٧ من هذه الرسالة.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى: ٢١/٣٦٩. وينظر: ص ١٦٤ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon