فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ عموم هذه الآية في كلّ ما ذبحه الكفّار لغير الله، أو ذبحوه باسم غير الله، خلافاً لمن أجاز ما ذبحه أهل الكتاب خاصّة، وسمّوا عليه غير الله، أو لم يسمّوا عليه أحداً لكن قصدوا به المسيح ونحوه، احتجاجاً بعموم قوله تعالى: ﴿.. وطعام الذين أوتوا الكتب حل لكم.. ﴾[ المائدة: ٥ ].
وقد أجاب الشيخ عمّا ذكروه، من وجوه عدّة، منها ـ وهو الشاهد هنا ـ أنّ قوله تعالى: ﴿.. وما أهل لغير الله به.. ﴾ عموم محفوظ لم تخصّ منه صورة، بخلاف قوله: ﴿.. وطعام الذين أوتوا الكتب حلّ لكم.. ﴾، فإنّه ليس على إطلاقه، فهو مقيّد بالذكاة المبيحة، فلو ذكّى الكتابيّ في غير المحلّ المشروع، لم تبح ذكاته(١).
١٣. تنبيه الخطاب وفحواه:
أي: مقصوده ومغزاه، يقال: عرفتُ ذلك في فحوى كلامه؛ أي: مغراضه ومذهبه(٢).
ومن ذلك:
؟ ما ذكره الشيخ عند آية الوضوء السابقة، فإنّه قال: " إذا أمرت الآية القائم من النوم لأجل الريح التي خرجت منه بغير اختياره؛ فأمرها للقائم الذي خرج منه الريح في اليقظة أولى وأحرى، فتكون على هذا دلالة الآية على اليقظان بطريق تنبيه الخطاب وفحواه"(٣).
١٤. السنّة الصحيحة:
السنّة تفسّر القرآن، وتبيّنه، وتدلّ عليه. والترجيح بها من الأوجه المعتبرة في التفسير.
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: " وممّا ينبغي أن يُعلم: أنّ القرآن والحديث إذا عُرف تفسيره من جهة النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة "(٤).
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.. ﴾[ المائدة: ٦ ].

(١) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم: ٢/٥٥٩. وينظر: ص ١٣٥ من هذه الرسالة.
(٢) ينظر: لسان العرب: ٥/٣٣٥٩، مادّة: ( فحا ).
(٣) مجموع الفتاوى: ٢١/٣٦٩. وينظر: ص ١٦٤ من هذه الرسالة.
(٤) مجموع الفتاوى: ١٣/٢٧.


الصفحة التالية
Icon