فقد رجّح الشيخ وجوب غسل الأرجل على القراءتين، وذكر وجوهاً عدّة من وجوه الترجيح منها ـ وهو الشاهد هنا ـ: " أنّ السنّة تفسّر القرآن، وتدلّ عليه، وتعبّر عنه، وهي قد جاءت بالغَسل "(١).
وقد ينصّ الشيخ على السنّة المتواترة، كما في آية الوضوء السابقة، فإنّه ذكر أحد الأقوال في الآية، وهو أن الكلام فيها على إطلاقه من غير إضمار، فيجب الوضوء على كلّ قائم للصلاة محدثاً كان أو غير محدث. وقد أجاب الشيخ عن هذا القول من ثلاثة وجوه، أحدها ـ وهو الشاهد ـ أنّه مخالف للسنّة المتواترة، فإنّه: " قد عُلم بالنقل المتواتر عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنّه لم يكن يوجب الوضوء على من صلّى ثمّ قام إلى صلاة أخرى، وقد ثبت عنه بالتواتر أنّه صلّى بالمسلمين يوم عرفة الظهر والعصر جميعاً، جمع بهم بين الصلاتين، وصلّى خلفه ألوف مؤلّفة لا يحصيهم إلا الله، ولمّا سلّم من الظهر صلّى بهم العصر ولم يحدث وضوءاً، لا هو ولا أحد أصحابه، ولا أمر الناس بإحداث وضوء، ولا نَقَل ذلك أحد.. "(٢).
١٥. الإجماع:
ويريد به الشيخ: ما أجمع عليه المسلمون، فلم يخالف فيه من يُعتدّ بخلافه. وهو وجه من وجوه الترجيح المعتبرة.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. وطعام الذين أوتوا الكتب حلّ لكم.. ﴾[ المائدة: ٥ ].
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: " ليس لأحد أن ينكر على أحد أكل من ذبيحة اليهود والنصارى في هذا الزمن، ولا يحرم ذبحهم للمسلمين. ومن أنكر ذلك فهو جاهل مخطىء، مخالف لإجماع المسلمين "(٣).
وقد يذكر الشيخ إجماعاً جزئيّاً، كإجماع أهل العلم بالنقل، ونحو ذلك.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم ركعون ﴾[ المائدة: ٥٥ ].

(١) الفتاوى الكبرى: ٢/٧٥. وينظر: ص ١٨٠ من هذه الرسالة.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢١/٣٧١. وينظر: ص ١٦٦ من هذه الرسالة.
(٣) مجموع الفتاوى: ٣٥/٢١٢. وينظر: ص ١٤٥ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon