فهم السلف الصالح مقدّم على فهم غيرهم من المتأخّرين، فهم أقرب إلى عصر التنزيل، وأعلم بمراد الشارع، ولقد كانت للشيخ عناية شديدة بأقوال السلف، وفهمهم للنصوص، وتقديم فهمهم على فهم غيرهم.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى في آية الوضوء: ﴿.. وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ [المائدة: ٦ ].
فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ وجوب غسل القدمين حتّى على قراءة الخفض، وجعل الوجه الأوّل من وجوه الترجيح: فهم السلف، فإنّه قال: " ومن قرأ بالخفض فليس معناه ( وامسحوا أرجلكم ) كما يظنّه بعض الناس، لأوجه: أحدها: أنّ الذين قرؤوا ذلك من السلف قالوا: عاد الأمر إلى الغَسل.. "(١).
١٨. قول جمهور المسلمين من السلف والخلف:
وهذا الوجه من أكثر الأوجه المعتبرة عند الشيخ، ولذا تنوّعت عباراته في ذلك، ومنها: ( عامّة السلف والخلف )، ( كثير من السلف )، ( عامّة المفسّرين )، ونحو ذلك من العبارات.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ والمحصنت من الذين أوتوا الكتب من قبلكم.. ﴾[ المائدة: ٥ ].
فقد تساءل الشيخ ـ رحمه الله ـ هل المراد بقوله: ( من قبلكم ) من هو بعد نزول القرآن متديّن بدين أهل الكتاب. أو المراد من كان آباؤه قد دخلوا في دين أهل الكتاب قبل النسخ والتبديل؟. ثمّ رجّح الأوّل، وذكر أنّه: " هو قول جمهور المسلمين من السلف والخلف.. "(٢).
(٢) مجموع الفتاوى: ٣٥/ ٢١٩. وينظر: ص ١٥١ من هذه الرسالة. وينظر: مجموع الفتاوى: ٢١/ ٤٠٩.