؟ وأمّا قول عامّة السلف والخلف، فمن ذلك: ما ذكره الشيخ عند آية الوضوء ـ وقد سبق اختياره فيها مراراً ـ فإنّه ذكر قولاً آخر، وهو وجوب الوضوء على كلّ قائم إلى الصلاة محدثاً كان أو غير محدث.. ثمّ أجاب عنه بوجوه، منها ـ وهو الشاهد ـ أنّه مخالف لقول عامّة السلف والخلف(١).
؟ وأمّا قول عامّة المفسّرين، فقد رجّح الشيخ في قوله تعالى: ﴿ يأيّها الذين ءامنوا اتّقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة.. ﴾[ المائدة: ٣٥ ] أنّ الوسيلة هي القربة والطاعة، خلافاً لمن قال إنّها أفضل درجات الجنّة، وذكر أنّ هذا هو قول عامّة المفسّرين(٢).
١٩. الاعتبار:
ويقصد به الشيخ: النظر والتفكّر(٣).
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿.. فكفّرته إطعام عشرة مسكين من أوسط ما تطعمون أهليكم.. ﴾ [ المائدة: ٨٩ ].
فقد رجّح الشيخ ـ رحمه الله ـ إنّ الإطعام الوارد في الآية غير مقدّر بالشرع، وإنّما يُرجع فيه إلى العرف، خلافاً لمن قال إنّه مقدّر بالشرع. ومن الوجوه الذي استدلّ بها الشيخ على القول الذي رجّحه: أنّه هو الذي يدلّ عليه الاعتبار(٤).
؟ قوله تعالى: ﴿.. أو لمستم النساء.. ﴾[ المائدة: ٦ ].
فقد رجّح الشيخ أنّ المراد بالملامسة في هذه الآية: الجماع، خلافاً لمن قال: إنّه اللمس
المجرّد. وذكر من وجوه الترجيح: الاعتبار، قال: " وأمّا طريق الاعتبار فإنّ المسّ المجرّد لم يعلّق الله به شيئاً من الأحكام.. "(٥)، إلى آخر ما ذكر.
٢٠. لسان العرب:

(١) ينظر: مجموع الفتاوى: ٢١/ ٣٧١. وينظر: ص ١٦٥ من هذه الرسالة.
(٢) ينظر: دقائق التفسير: ٢/ ٤٧. وينظر: ص ٢٦٦ من هذه الرسالة.
(٣) وعرّفه الجرجانيّ بأنّه النظر في الحكم الثابت أنّه لأيّ معنى ثبت، وإلحاق نظيره به. ( التعريفات: ص٣٠ ).
(٤) ينظر: الفتاوى الكبرى: ٢/ ١٠٢. وينظر: ص ٢٩٠ من هذه الرسالة.
(٥) مجموع الفتاوى: ٢١/ ٢٣٩. وينظر: ص ١٨٩ من هذه الرسالة.


الصفحة التالية
Icon