فقد رجّح الشيخ أنّ قوله: ( هذا ربّي ) إخبار، وليس استخباراً، خلافاً لمن قال إنّه استخبار، أُضمر فيه حرف الاستفهام، والمعنى: أهذا ربّي؟. ومن الأوجه التي استدلّ بها الشيخ: ما نقله عن الأنباريّ النحويّ(١)من شذوذ هذا القول، لأنّ حرف الاستفهام لا يضمر إذا كان فارقاً بين الإخبار والاستخبار(٢).
٢٢. الإلزام العقليّ:
العناية بالعقليّات من اهتمامات الشيخ ـ رحمه الله ـ، وقد صنّف كتاباً في ذلك سمّاه: (درء تعارض العقل والنقل ) في الردّ على الفلاسفة والمتكلّمين، فلا غرابة أن يكون الإلزام العقليّ من وجوه الترجيح عند الشيخ.
ومن الأمثلة على ذلك:
؟ قوله تعالى: ﴿ يأيّها النبيّ حسبك الله ومن اتّبعك من المؤمنين ﴾[ الأنفال: ٦٤ ].
فقد سبق ترجيح الشيخ في هذه الآية، وهو أنّ قوله: ( ومن اتّبعك ) عطف على محلّ الكاف في قوله: ( حسبك )، ومن الأوجه التي رجّح بها الشيخ هذا القول: الإلزام العقليّ، فإنّه قال: " فالمؤمنون محتاجون إلى الله كحاجة الرسول إلى الله، فلا بدّ لهم من حسبهم، ولا يجوز أن يكون معونتهم وقوّتهم من الرسول، وقوّة الرسول منهم، فإنّ هذا يستلزم الدور.."(٣)، إلى آخر ما ذكر.
هذا ما ظهر لي من أوجه الاختيار والترجيح في التفسير عند الشيخ، وهي تدلّ دلالة واضحة على علوّ شأن الشيخ في التفسير، وتبحّره فيه.
(٢) ينظر: دقائق التفسير: ١/ ٤٦٦. وينظر: ص ٣٣١ من هذه الرسالة.
(٣) منهاج السنّة: ٤/ ٥٦. وينظر: ص ٤٧٨ من هذه الرسالة.