حاصل الأقوال في ذلك أربعة(١):
؟ أحدها: أنّه محكم بالحلال والحرام، والحدود والأحكام. بدليل قوله تعالى: ﴿ كتب أحكمت ءايته.. ﴾[هود: ١]. وهو الذي اختاره الشيخ ـ رحمه الله ـ.
؟ الثاني: أنّه ذو حكمة، لاشتماله عليها، وتعلّقه بها.
؟ الثالث: أنّه الحاكم، بدليل قوله تعالى: ﴿ وأنزل معهم الكتب بالحقّ ليحكم بين الناس..﴾[البقرة: ٢١٣].
؟ الرابع: أنّه المحكوم فيه. أي: حَكَمَ اللهُ فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى.. قاله الحسن وغيره.
وقد وافق الشيخ في اختياره: الطبريّ(٢)، وابن عطيّة(٣)، وابن الجوزيّ(٤).
واختار القول الثاني: الزمخشريّ(٥).
واختار الثالث: الواحديّ(٦).
ولم أقف على من اختار القول الرابع.
واختار بعض المفسّرين: صلاحية المعنى للجميع. وممّن اختار ذلك: البيضاويّ(٧).
وأرجح هذه الأقوال: القولان الأوّلان. فإنّ اللفظ يتضمّنهما جميعاً. فالقرآن حكيم لتضمّنه الحكمة. وهو حكيم بمعنى محكم، أي: متقن في أخباره وأحكامه وألفاظه، وسائر ما يتعلّق به.
قال الراغب في المفردات(٨): " وإذا وصف به [ أي: الحكيم ] القرآن؛ فلتضمّنه الحكمة، نحو ﴿ الر تلكءايت الكتب الحكيم ﴾. وعلى ذلك قال: ﴿ ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر ﴾ [القمر: ٥]. وقيل معنى الحكيم: المحكم، نحو: ﴿ أحكمت ءايته ﴾[هود: ١]. وكلاهما صحيح، فإنّه محكم ومفيد للحِكَم، ففيه المعنيان جميعاً ".
وقد جاء وصف ( الحكيم ) في القرآن لثلاثة:
(٢) ينظر: جامع البيان: ٦/ ٥٢٦.
(٣) ينظر: المحرّر الوجيز: ٧/ ٩٥.
(٤) ينظر: تذكرة الأريب: ١/ ٢٣٠. واختاره ابن كثير: ٢/ ٤٠٥.
(٥) ينظر: الكشّاف: ٢/ ١٨٠.
(٦) ينظر: الوجيز: ١/ ٤٨٩.
(٧) ينظر: أنوار التنزيل: ٣/ ١٨٣. ومن المتأخّرين: البقاعيّ: ٣/ ٤١٢، وابن عاشور: ١١/ ٩.
(٨) ص١٣٤.