قال رحمه الله :" فاعلم أن فواصل القرآن الكريم لا تخرج عن هذين القسمين ؛ بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة، وبهذا يترجَّح مذهب الشافعيّ على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة، وذلك لأن الشافعي المثبت لها في القرآن قال: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ ﴾ [الفاتحة (٧) ] الخ الآية واحدة، وأبوحنيفة لما أسقط البسملة من الفاتحة قال ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ آية، وَ غَيْرِ ﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة (٧)] آية. ومذهب الشافعي أولى ؛ لأن فاصلة قوله ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ لا تشابه فاصلة الآيات المتقدمة، ورعاية التشابه في الفواصل لازم. وقوله ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ ليس من القسمين فامتنع جعله من المقاطع. وقد اتفق الجميع على أن الفاتحة سبع آيات، ولكن الخلاف في كيفية العدد "(١).
وقد ذكر الزركشي - في البحر المحيط- أنَّ أصحَّ الأقوال عن الشافعي هو أن البسملة آية من كل سورة (٢). وبهذا يكون ترجيح الزَّركشي موافقاً للقول الثالث.
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
١- عن زيد بن أسلم(٣)، عن أبيه(٤): (

(١) البرهان للزَّركشي (١/١٦٧)، وينظر ميله لهذا الرأي - أيضاً - في كتابه: تشنيف المسامع ( ١/١٤٦)، وكتابه: البحر المحيط في أصول الفقه (١/٤٧١).
(٢) ينظر: البحر المحيط في أصول الفقه (١/٤٧١).
(٣) زيد بن أسلم العدوي، أبو أسامة المدني الفقيه، مولى عمر، كان ثقةً، عالماً بتفسير القرآن، روى عن أبيه وابن عمر وعائشة، وروى عنه مالك وابن عجلان وسليمان بن بلال، مات سنة ١٣٦هـ.
ينظر : تهذيب الكمال (١٠/١٢)، وتهذيب التهذيب (١/٦٥٨).
(٤) أسلم العدوي مولاهم، يكنى بأبي خالد، أدرك زمن النبي - ﷺ -، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان، وروى عنه ابنه زيد، والقاسم بن محمد، ونافع مولى عمر، ثقة، من كبار التابعين، مات سنة ٨٠هـ.
ينظر : تهذيب الكمال (٢/٥٢٩)، وتهذيب التهذيب (١/١٣٦).


الصفحة التالية
Icon