فهذان الحديثان بمجموع ألفاظهما يدلاَّن على استقلال البسملة من الفاتحة، إذْ لو كانت منها لما فُرِّق بينهما في الجهر.
مناقشة الأدلة:
١-حديث زيد - رضي الله عنه- أكثر ما يقال فيه السكوت عن نزول البسملة، وقد ثبت نزولها صريحة ؛ كما في حديث نزول سورة الكوثر، وكذا حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في نزول البسملة للفَصْل.
٢-أما حديث أنس - رضي الله عنه - في البسملة : فمن خلال ألفاظه يتبين المراد بقوله (لا يذكرون ) أنه "لا يجهرون"، وبهذا يستدل على استقلاليتها لا على عدم قرآنيتها لذا تُقرأ سراً (١).
٣- حديث قسمة الفاتحة هو أقوى دليل على استقلال البسملة من الفاتحة، ولم يَنُصّ على عدم قرآنيتها(٢).
٤- أما قولهم "لا تواتر في إثباتها" فيقال بل يقطع بكونها من القرآن لِمَا نُقل من التواتر بأن مابين اللوحين قرآنٌ، لكن لا يكَفَّر المنازع لاتفاق الأمة على نفي التكفير في هذا الباب (٣).
٥-الاستدلال بحديث أنس - رضي الله عنه - في نزول سورة الكوثر على عد البسملة من السورة يعارضه الإجماع بأن سورة الكوثر ثلاث آيات (٤).
٦- طلب التَّقفية في قوله ﴿ x أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة(٧)] لا يلزم في تعداد الآيات كما في غير هذه السورة (٥) ؛ فما الحال إذا عارض أدلة أقوى من إرادة التقفية ؟!
النتيجة :

(١) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٢/٤١٤).
(٢) ينظر: المرجع السابق (٢٢/٤٧٧).
(٣) ينظر: المرجع السابق (٢٢/٤٣٢).
(٤) ينظر: المغني (٢/١٥٣).
(٥) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/٦).


الصفحة التالية
Icon