القول الثاني : أن المكي ما نزل قبل الهجرة ؛ وإن كان بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة ؛ وإن كان بمكة، وهو القول المشهور وممن قال به ابن عطية، والسيوطي وغيرهم(١).
القول الثالث: أن المكي ما وقع خطاباً لأهل مكَّة، والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة(٢).
ترجيح الزَّركشي :
قال رحمه الله " والثاني - وهو المشهور- أن المكي ما نزل قبل الهجرة، وإن كان بالمدينة(٣). والمدني ما نزل بعد الهجرة، وإن كان بمكة"(٤).
وبهذا يكون ترجيح الزَّركشي موافقاً للقول الثاني.
أدلة الأقوال:
دليل القول الأول:
لعلّه الارتباط الأغلبي بين أماكن النزول وهذا المصطلح "المكي والمدني"، فغالب الآيات نزلت بمكة والمدينة.
دليل القول الثاني (اختيار الزركشي ومن وافقه):
عمل الصحابة ومن بعدهم بهذا ؛ ومن ذلك عدِّهم من المدني سورة الفتح، وسورة المنافقون، فقد نزلت سورة الفتح على رسول الله - ﷺ - وهو عائد من صلح الحديبية، ونزلت سورة المنافقون عليه - ﷺ - وهو في غزوة بني المصطلق(٥).
(٢) ينظر: البرهان للزَّركشي (١/٢٧٤)، والإتقان(١/٥٥)، ومناهل العرفان (١/١٥٩).
(٣) عقَّب أ. د : محمد الشايع على الزركشي فقال:" فقوله ( وإن كان بالمدينة) ؛ وَهْمٌ، ولعله سبق قلم، إذ كيف ينزل القرآن على الرسول - ﷺ - بالمدينة قبل هجرته إليها، وإنما المراد: وإن كان بغير مكة"[ المكي والمدني(١٧)]، وهذا التعقيب يُضْفِي للتعريف دقةً وانضباطاً.
(٤) البرهان للزَّركشي (١/٢٧٤).
(٥) ينظر: صحيح البخاري (٤/١٨٢٩)، و (٤/١٨٥٩).
وقد أشار إلى هذا الاستدلال د: عبد الرزاق حسين في كتابه: المكي والمدني (١/٤٥)، وبنحوه قال د: مساعد الطيار في كتابه المحرر في علوم القرآن (١٠٥).