ب- يعترض على هذا الاصطلاح بما نزل في طريق الهجرة قبل أن يبلغ النبي - ﷺ - المدينة، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨٥) ﴾ [القصص (٨٥)] (١) فلم يُبيَّن حكمه، لذا اختُلِف فيه، فعلى قول يحيى بن سلام يكون من المكي، وعلى قول بعض العلماء - كالنحاس- يكون من المدني(٢).
ويجاب عن ذلك بما يلي:
أ- إنْ كان الأثر ضعيفاً فعمل الصحابة - من قَبْلِ مجيء أثر يحيى بن سلام - على هذا الاصطلاح.
ب- أما اعتراضهم بما نزل في طريق الهجرة فلا ينافي هذا الاصطلاح لاتفاقهم على عدم خروج تلك الحالة من الاصطلاح سواء أجُعِلَت مكية أم مدنية.
٣- أما القول الثالث: فلوحظ فيه مراعاة المخاطبين ؛ لكنه غير حاصر، فإن في القرآن ما نزل غير مصدَّر بأحدهما، نحو قوله تعالى في سورة الأحزاب ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِن اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١) ﴾ [ الأحزاب (١)] وقوله ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾ [المنافقون(١)] (٣) وغيرها كثير لاسيما قصار المفصل كالمسد والكوثر (٤).

(١) أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال :( لما خرج النبي - ﷺ - من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص (٨٥)] إلى مكة ) [تفسير ابن أبي حاتم (٩/٣٠٢٦) ]، وأورده السيوطي في الدر المنثور (٦/٤٤٥)، قال ابن حجر:" أخرجه ابن أبي حاتم وإسناده لا بأس به" [الفتح (٨/٥١٠)].
(٢) ينظر: الناسخ والمنسوخ، للنحاس (١/٤٨٥).
(٣) ينظر: مناهل العرفان (١/١٦٠).
(٤) ينظر: المكي والمدني لـ عبد الرزاق حسين (١/٥٥).


الصفحة التالية
Icon