٤- كذلك هذا القول غير مطَّرد في جميع موارد الصيغتين المذكورتين، فهناك سور مدنية ذكر فيها ِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ كما في سورة البقرة قوله تعالى: ِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) ﴾ [البقرة(٢١)]، وفي صدر سورة النساء -أيضا- قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾. وهناك سور مكية ذُكِر فيها ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ كما في سورة الحج - على قول بعض العلماء أنها مكية - قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ﴾ [الحج (٧٧)] (١).
٥- أما الأثر الذي استدلوا به فالصحيح- كما قاله الدارقطني وغيره- أنه عن علقمة وليس عن ابن مسعود- رضي الله عنه- (٢).
النتيجة :
من خلال مناقشة الأقوال وأدلتها يظهر - والله أعلم - أن الراجح هو القول الثاني : أنَّ المكي ما نزل قبل الهجرة ؛ وإنْ كان بغير مكة، والمدني ما نزل بعد الهجرة ؛ وإنْ كان بمكة، وهو القول المشهور، إذ هو اصطلاح ضابط وحاصر، وهذا مارجَّحه الزركشي.
النوع / المكي والمدني.
مسألة: من ضوابط المكي والمدني : كل شيء في القرآن يَا أَيُّهَا ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ أُنْزل بالمدينة، وكل شيء في القرآن ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ أُنْزل بمكة (٣).
اختلف العلماء في هذا الضابط على أقوال عدة :

(١) ينظر: البرهان للزَّركشي (١/٢٧٧)، والإتقان(١/٨١)، ومناهل العرفان (١/١٦٠)
(٢) تقدم تخريجه وكلام العلماء عليه ص (١٢١).
(٣) ينظر: البرهان للزَّركشي (١/٢٧٧)، والإتقان (١/٨١).


الصفحة التالية
Icon