في تفسيره في سورة الحج عن علقمة عن أبيه، وذكر في آخر الكتاب عن عروة بن الزبير نحوه، وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة منهم أحمد بن حنبل وغيره، وبه قال كثير من المفسرين ونقله عن ابن عباس، وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر ؛ فإن سورة البقرة مدنية وفيها ِ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾ [البقرة(٢١)]وفيها ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ [البقرة (١٦٨)]، وسورة النساء مدنية وفيها ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ﴾ [النساء (١)]، وفيها ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ [النساء (١٣٣)]، وسورة الحج مكية وفيها ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ( ﴾ [الحج (٧٧)]، فإن أراد المفسِّر أن الغالب ذلك فهو صحيح ؛ ولذا قال مكي "هذا إنما هو في الأكثر وليس بعام، وفي كثير من السور المكية يَا أَيُّهَا ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ "انتهى. والأقرب تنزيل قول من قال: مكي ومدني على أنه خطابٌ المقصودُ به أو جلّ المقصودِ به أهل مكة. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (#qمZtB#uن(( ﴾ كذلك بالنسبة إلى أهل المدينة "(١).
وبهذا يكون ترجيح الزركشي موافقاً - في الأصل- للقول الرابع، وهو قول مكيِّ بن أبي طالب.
أصل هذا الضابط : حديث مروي عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أنه قال: ( كل شيء في القرآن يَا أَيُّهَا ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ أنزل بالمدينة، وكل شيء في القرآن ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾ أنزل بمكة )(٢).
مناقشة الأقوال في هذا الضابط :
تقدم عند مسألة تعريف المكي والمدني مناقشة هذا الضابط، وأذْكُر تلك المناقشة ها هنا مختصرة مع بعض الإضافات:
(٢) تقدم تخريجه في مسألة تعريف المكي والمدني.