عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: ( إن أول ما نزل به جبريل - عليه السلام - على محمد - ﷺ - قال يا محمد قل: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ )ثم قال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [ العلق آية (١)] قال عبد الله: "وهي أول سورة أنزلها الله على محمد - ﷺ - بلسان جبريل ) (١).
مناقشة الأقوال وأدلتها:
نوقش حديث جابر القاضي بأولية نزول المدثر بعدة أجوبة منها :
١- ذكر بعض العلماء أنَّ جابراً- رضي الله عنه- سمع النبي - ﷺ - يذكر قصة بدء الوحي فسمع آخرها ولم يسمع أولها ؛ فتوهم أنها أوَّل ما نزلت(٢).
٢- أن السؤال كان عن نزول سورة كاملة، فبيَّن أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ، فإنَّ أول ما نزل منها صدرها، ويؤيد هذا ما في الصحيحين أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - ﷺ - وهو يحدِّث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: فبينا أنا أمشي إذ سمعتُ صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجُئِثْت(٣)

(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١/٥١)، وابن كثير في تفسيره(١/١٥) ثم قال: "وهذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليُعْرف ؛ فإنَّ في إسناده ضعفاً وانقطاعاً " وكذا ضعَّفه ابن حجر في العجاب (١/٢٢٣).
(٢) ينظر: أسباب النزول للواحدي (١٠٤)، والبرهان للزَّركشي (١/٢٩٤)
(٣) جُئِثْت : بجيم مضمومة ثم همزة مكسورة ثم ثاء مثلثة ساكنة ثم تاء الضمير، أي ذعرت، وخفت، ورعبت، وقد جاء في رواية البخاري "فرعبت" قال أهل اللغة :"جئث الرجل إذا فزع فهو مجؤوث"
ينظر: النهاية في غريب الحديث (١/٢٣٢)، وشرح النووي على صحيح مسلم(٢/٣٨١)


الصفحة التالية
Icon