وقد كان حريصاً على تعليم أهل بيته - صغيرهم وكبيرهم - وحضورهم مجالسه العلميَّة، حتى في آخر حياته كما تبيَّن ذلك في السماع لكتاب الإجابة، فقد قال ابنه محمد:
" بلغ السماع لجميع هذا الكتاب على مؤلفه شيخي ووالدي: الفقير إلى الله تعالى بدر الدين أبي عبدالله محمد بن الفقير إلى ربه جمال الدين عبدالله الشَّهير بالزَّركشي الشافعي عامله الله بلطفه، فسمعته ابنته عائشة وفاطمة، وسمع من باب الاستدراكات العامة ولده أبو الحسن علي، وحضر المجلس المذكور ولده أحمد ويدعى عبد الوهاب، في الثانية من عمره، وذلك بقراءةِ مُثْبِتِه فقير رحمة ربه: محمد بن محمد بن عبدالله الزركشي الشافعي عامله الله بلطفه، وصحَّ ذلك، ومدَّته عشرة مجالس آخرها يوم الأحد لثمان خلون من صفر عام أربع وتسعين وسبعمائة، وأجاز لنا جميع مؤلفاته متلفِّظاً بذلك بسؤالي له"(١).
سابعاً: مكانته العلميَّة، وثناء العلماء عليه:
كان للزَّركشي مكانة علميَّة عظيمة، ولهذا وُلِّيَ مناصب علميَّة عدَّة، منها وِلايتُه مشيخة خانقاه كريم الدين بالقرافة الصغرى، مع قيامه بالتدريس والفُتْيا(٢).
وقد أثنى العلماء عليه ممن ترجموا له في كتبهم، وما هذا إلاَّ نزر يسير من حقِّه على محبيه ومُغْتَرِفي العَذْب الزلال من علمه.
فقد وصفه المقريزي بقوله:" الفقيه الشافعي، ذو الفنون والتصانيف المفيدة "(٣).
ووصفه ابن قاضي شهبة بقوله:" العالم، العلاَّمة، المصنِّف، المحرِّر"(٤).

(١) صورة السماع في آخر كتاب الإجابة لما استدركته عائشة على الصحابة (١٧٥).
(٢) ينظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٢/٢٣٣)، والدرر الكامنة(٥/١٣٤)، وإنباء الغمر (٣/١٤١)، وطبقات المفسرين للداوودي (٢/١٦٢)، وشذارت الذَّهب (٨/٥٧٣).
(٣) السلوك لمعرفة دول الملوك (٣/٧٧٩).
(٤) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (٢/٢٣٣).


الصفحة التالية
Icon