الناظر لمؤلفات الزركشي وعظمها كَيْفاً وكمّاً، مع قلَّة عُمْرِه -فهو دون الخمسين عاماً - يتملَّكه العجب من نبوغ هذا العالم وجلدِه وصبره، فقد انقطع عن الناس للاشتغال بالعلم والتأليف ؛ بل قال عن نفسه: إنه سهر الليل حتى طلع الفجر لتأليف كتاب من كتبه، ليس له فيها سمير غير المحبرة والسراج، ولا أنيس غير فكرِه الوهَّاج(١)، وقال عنه ابن حجر:"أقبل على التصنيف، فكتب بخطّه ما لا يحصى لنفسه ولغيره "(٢).
ثمَّ يبلغ العجب ذروته عند الخوض في علمه الغزير في مؤلفاته، وفي تلك التحريرات النيِّرة في صفحاتها، فإن قرأت في كتابه "البرهان في علوم القرآن " ظنَنْتَ أنه لا يُحسن إلاَّ هذا الفنِّ لغزارته وبُرهان تحريراته، فإن ركبت البحر المحيط كدتَّ تغرق في أمواجه من قوةِ تملُّكِه لك، ولا يقلِّ عِلْمُه بالحديث عن ذلك ؛ بل تَبْهَرُك قوة حافظته، ودقيق تفصيلاته، وقد بلغت مؤلفاته قرابة الخمسين كتاباً في شتى العلوم(٣)، وما ذاك فيما أحسبه - والله أعلم - إلاَّ بركةً وفضلاً وإنعاماً من ذي الفضل العظيم والمُنعم الكريم - سبحانه وتعالى- على عباده المؤمنين.
وإلى إشارات لمؤلفاته رحمه الله من خلال المصادر المختلفة مرتبة حسب الفنون:
أولاً: مؤلفاته في علوم القرآن، والتفسير.
١- البرهان في علوم القرآن.
ذكره ابن حجر، والسيوطي، وغيرهما(٤).
(٢) إنباء الغمر (٣/١٣٩).
(٣) تنبيه: وقع اختلاف في بعض أسماء كتبه عند من ترجم له، كما في كتاب: لقطة العجلان وبلة الظمآن، فقد سُمِّيَ بـ:"خلاصة الفنون الأربعة"، فظنَّ بعض من ترجم له من الباحثين المعاصرين أنهما كتابان، وهما في الحقيقة اسمان لكتاب واحد ؛ فليتأمَّل.
(٤) ينظر: إنباء الغمر (٣/١٤٠)، وحسن المحاضرة (١/٤٣٧)، وكشف الظنون (١/٢٤٠).