من خلال ما سبق يتبيَّن أنَّ الترجيح في اللّغة مداره على الزِّيادة والرَّزانة والثّقل، وهذا متحقِّق في الترجيح في الاصطلاح، وذلك أنَّ القول الراجح في المسائل المختلفة ؛ فيه قوَّةٌ وثُقْلٌ معنوي، مُتدعِّمٌ بالأدلة الصحيحة، ومتزوِّد منها بأكثر من غيره من الأقوال المرجوحة(١).
أما المراد هنا بترجيحات الزركشي في علوم القرآن فهي: تقوية الزَّركشيّ أحدَ الأقوال - في مسائل علوم القرآن خاصَّة - لدليل من الأدلة.
ويدخل في مسمَّى الأدلَّة هنا : جميع ما يَتقوَّى به القول الراجح من الأدلة ؛ سواء أكانت من القرآن، أم من السنَّة، أم من الآثار، أم من التعليلات المبنيَّة على القواعد الشرعية.
ثانياً: منهجه في إيراد الأقوال، وردِّ الرأي المخالف.
من خلال الاطلاع على كتب الزركشي يظهر منهجه في إيراد الأقوال، وردِّ الرأي المخالف، في أمور عدة:
أولاً: أنه يعزو الأقوال لأصحابها في الأغلب(٢)، وإن كان في أحايين قليلة لايعزو(٣)، أو يكون العزو مبهماًً كقوله: "قال بعضهم"(٤) أو "قال قوم"(٥)، أو "بعض القوم"(٦)، أو يعزو لبعض القراء من غير تعيين(٧).

(١) ينظر: إشارة إلى نحوه في التعارض والترجيح للحفناوي (٢٨٥).
(٢) ينظر: أمثلة على ذلك في البرهان (٢/١٠٥)، و (٢/١٠٦)، وإعلام الساجد (٣٦٩)، والتنقيح (٢/٩٠٢)، والبحر المحيط (٢/١٨٢).
(٣) ينظر: أمثلة على ذلك في البحر المحيط (١/٤٧٤)، و (١/٤٤١)، و (٢/١٠١).
(٤) ينظر: أمثلة على ذلك في البرهان (٢/١٠٧)، و (٢/٣٥١)، و(١/٣٦٢).
(٥) ينظر: البحر المحيط (٤/١٠٤).
(٦) ينظر: البرهان (٢/٦٩).
(٧) ينظر: البرهان (٤/٢٧٢).


الصفحة التالية
Icon