سادساً: إن كان في القول الذي اختاره إشكال واضح، فإنه لا يغفله ؛ بل يذكره، ثم يجيب عنه(١). وهذا بيان إنصافه في عرض المسألة.
سابعاً: يظهر ميله للجمع بين الأقوال متى ما أمكنه ذلك(٢)، أو أن يختار قولاً وسطاً بين الأقوال، وفي ذلك - أيضاً - جمع بين الأدلة(٣).
ثامناً: أنه لا يتهجَّم على القول المخالف ولا يتنقَّص منه، لكنه يردُّ عليه بالدليل الواضح الجلي ؛ بل إنه أحياناً يعتبر بوجاهته، لكن يختار القول الآخر لقوة دليله(٤)، إلاَّ أنْ يتطلب الأمر نوعاً من الحزم ؛ كأن يكون القول المخالف واضح الشُّذوذ، وفيه محظور شرعي ؛ كما في مسألة مصدر القراءات، فقد حزم على من أنكر بعض القراءات المتواترة دفاعاً عن كتاب الله عز وجل(٥).
ثالثاً: أثره فيمن جاء بعده(٦).
قد سبق الزَّركشي علماء أجلاء في جمع مؤلَّفٍ يشتمل على أنواع من علوم القرآن، ومنهم على سبيل المثال: ابن الجوزي(٧)
(٢) ينظر: أمثلة على ذلك في البحر المحيط (١/٤٥٤)، والبرهان (٢/٢٣٧)، (٢/٣١٢).
(٣) ينظر: أمثلة على ذلك في البرهان (٢/١٠٧)، و (٢/١٩٩)، و(٤/٢٧٢)، والديباج في توضيح المنهاج (١/٣٢٤)، وكذا في البرهان [ تحقيق أبي الفضل ] (١/٣٧٩).
(٤) ينظر: التنقيح (٢/١٠١٨).
(٥) ينظر: البحر المحيط (١/٤٧٠).
(٦) يُقصد في ذلك: فيما يتعلَّق بعلوم القرآن دون ما سواه من العلوم.
(٧) عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري، من ولد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه -، أبو الفرج ابن الجوزي، البغدادي، الحنبلي، كان مبرزاً في التفسير، والوعظ، والتاريخ. صاحب التصانيف المشهورة، ومنها: زاد المسير في علم التفسير، وفنون الأفنان في علوم القرآن، والموضوعات، مات سنة (٥٩٧هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (٢٢/٣٥٢)، وطبقات المفسرين للسيوطي (٦١).