٥- أن عدم ترتيب المسبِّحات تباعاً قد يكون لمراعاة مناسبات أخرى أهمّ من مناسبة فواتح السور، ولذا فالسيوطي - نفسه - خالف دليله هذا ومال إلى القول الثالث(١).
٦- وجود المناسبة بين السورة والتي تليها أمر واقع، لكن لا يلزم منه القول بتوقيف الترتيب، فقد يكون باجتهاد من الصحابة مع مراعاة المناسبات إذ لا تعارض في ذلك.
٧- أن الاستدلال باختلاف مصاحف الصحابة على القول باجتهاد الترتيب كله تعارضه النصوص الواردة عن النبي - ﷺ - بترتيب بعض السور، لذا فالأقرب أن يُحمل الاختلاف على ما لم يرد فيه توقيف(٢).
٨- أما حديث حذيفة -رضي الله عنه- فيُستنبط منه جواز القراءة بغير الترتيب لا اجتهادُ الترتيب (٣).
٩- أما حديث عثمان -رضي الله عنه- في الأنفال والتوبة فضعيف-كما سبق(٤)- وعلى التسليم بصحته فهو خاص بمحل وروده _ وهو سورة الأنفال والتوبة _ فلا يصاغ منه حكم عام على القرآن كله لاسيما مع وجود ما يعارضه (٥).
النتيجة
بعد مناقشة الأدلة يظهر أن القول الأقرب _ والله أعلم _ هو القول الثالث، بدليل الجمع بين أدلة القولين السابقين، حيث وردت أدلةٌ بترتيب بعض السور توقيفاً ؛ لكن لا يُستطاع أن يؤخذ منها حكم بالكل لوجود بعض الأدلة التي توحي بالاجتهاد كاختلاف ترتيب مصاحف الصحابة.
النوع /معرفة المناسبات بين الآيات.
مسألة : اشتمال القرآن على التخلص.
قبل الشروع بذكر الخلاف في المسألة يَحْسُن التعريف بمصطلح (التخلُّص)، فقد عرَّفه عدد من العلماء منهم :

(١) ينظر: الإتقان (١/٢٢٣)، ودراسات في علوم القرآن للرومي (١٢٢).
(٢) ينظر: مناهل العرفان (١/٢٨٨).
(٣) ينظر: الإتقان (١/٢٢٣).
(٤) ينظر: ص (١٠٠).
(٥) ينظر: مناهل العرفان (١/٢٨٨).


الصفحة التالية
Icon