قال أكثر المفسرين (١) إنَّ الضمير في قوله تعالى "منه" في هذه الآية عائد إلى الله تعالى ويؤيده ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان أناس يكرهون أن يجامعوا أو يتغوطوا وليس بينهم وبين السماء حجاب فأنزل الله هذه الآية"(٢)، ويؤيده كذلك أنه قد جاء بعد الضمير قرينة ترجح عودته إلى الله تعالى وهي قوله تعالى بعده ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [هود: ٥]، وأيضاً أن الله تعالى قد سبق له ذكر في سياق الآيات قبل ذلك في قوله تعالى: ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) ﴾ [هود: ٤] ولم يسبق للنبي - ﷺ - ذكر، ولأن هذا هو الأفصح والأجزل في المعنى(٣).
وقال بعض المفسرين(٤) إن الضمير عائد إلى النبي - ﷺ - وذلك أن بعض المنافقين كان إذا مر بالنبي - ﷺ - ثنى صدره وغطى وجهه لكيلا يراه النبي - ﷺ - فيدعوه إلى الإيمان(٥).

(١) اختاره ابن قتيبة في غريب القرآن ص١٠٢، والطبري في جامع البيان ٦/٦٢٧، ومكي بن أبي طالب في تفسير المشكل من غريب القرآن ص١٠٥، والزمخشري في الكشاف ٣/١٨٣، وابن عطية في المحرر الوجيز ٣/١٥١، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٢/٤٣٧، والبيضاوي في أنوار التنزيل وأسرار التأويل ١/٤٥٠، وأبو السعود في إرشاد العقل السليم ٤/١٨٥، والألوسي في روح المعاني ١١/٣٠٧، والسعدي في تيسير الكريم الرحمن ٢/٣٥٢، وغيرهم.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب التفسير سورة هود باب "ألا إنهم يثنون صدورهم..." حديث رقم [٤٦٨١ - ٤٦٨٣] ص٣٨٨ - ٣٨٩ بنحوه.
(٣) جامع البيان للطبري ٦/٦٢٧، المحرر الوجيز لابن عطية ٣/١٥١.
(٤) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/٣٨، الوسيط للواحدي ٢/٥٦٤، معالم التنزيل للبغوي ٢/٣٧٤، البحر المحيط لأبي حيان ٦/١٢٣، الدر المصون للسمين الحلبي ٤/٧٩.
(٥) جامع البيان للطبري ٦/٦٢٤، ٦٢٥.


الصفحة التالية
Icon