* تحرير المسألة:-
الذي يظهر مما تقدم أن الضمير في قوله تعالى "منه" عائد إلى الله تعالى وذلك لصحة الأثر المتقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولأنه قد سبق ذكر الله تعالى قبل في قوله تعالى: ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) ﴾ [هود: ٤]، ولم يسبق ذكر للنبي - ﷺ -، ولأنه قد ذكر في الآية مرجح يرجح عودته إلى الله تعالى وهي قوله تعالى بعده ﴿ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [هود: ٥]، ولأنه أفصح وأجزل في المعنى - والله أعلم -.
- المراد بقوله تعالى: ﴿ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ﴾ في قوله تعالى:
﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) ﴾ [هود: ٢٠].
* اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى: ﴿ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ﴾ في هذه الآية الكريمة على أقوال منها:-
١- أن المراد بهم المشركون، أي لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفع ولا أن يبصروه إبصار مهتد لاشتغالهم بالكفر عن استعمال جوارحهم في طاعة الله.
٢- أن المشركين لا يستطيعون السمع والبصر لأن الله قد ختم على قلوبهم وأسماعهم وجعل على بصرهم غشاوة.
٣- أن المشركين لا يستطيعون السمع والبصر لشدة كراهيتهم لكلام الرسل.
٤- [أن "ما" مصدرية ظرفية] والمعنى يضاعف لهم العذاب مدة كونهم يستطيعون أن يسمعوا ويبصروا، أي يضاعف لهم العذاب دائماً.
٥- [أن مصدرية في محل نصب بنزع الخافض]: أي يضاعف لهم العذاب بسبب كونهم يستطيعون السمع والإبصار في الدنيا، وتركوا الحق مع أنهم يستطيعون إدراكه بالسمع والبصر.