٦- أن المراد بهم الأصنام، أي ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون، وما لا يسمع ولا يبصر لا يصح أن يكون ولياً لآخر](١).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
[في هذه الآية الكريمة للعلماء أوجه، بعضها يشهد له القرآن:-
الأول:-
وهو اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره ونقله عن ابن عباس وقتادة(٢) أن معنى "ما كانوا يستطيعون السمع" الآية - أنهم لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفع ولا أن يبصروه إبصار مهتد لاشتغالهم بالكفر الذي كانوا عليه مقيمين عن استعمال جوارحهم في طاعة الله تعالى، وقد كان لهم أسماع وأبصار، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأحقاف: ٢٦] الآية.
الثاني:-
هو أظهرها عندي: أن عدم الاستطاعة المذكورة في الآية إنما هو للختم الذي ختم الله على قلوبهم وأسماعهم، والغشاوة التي جعل على أبصارهم، ويشهد لهذا القول قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: ٧]، وقوله ﴿ أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (٥٧) ﴾ [الكهف: ٧٥] ونحو ذلك من الآيات.
وذلك الختم والأكنة على القلوب جزاء من الله تعالى لهم على مبادرتهم إلى الكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم كما دلت عليه آيات كثيرة كقوله: ﴿ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ﴾ [النساء: ١٥٥] وقوله ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: ٥] وقوله ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: ١٠]... إلى غير ذلك من الآيات.
الثالث:-

(١) أضواء البيان للشنقيطي ٢/١٢.
(٢) جامع البيان للطبري ٧/٢٤.


الصفحة التالية
Icon