قال بعض المفسرين إن معنى قوله تعالى ﴿ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ﴾ أن المشركين لا يستطيعون أن يسمعوا الحق سماع منتفع ولا أن يبصروه إبصار مهتد لانشغالهم بالكفر، ويدل لهذا قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأحقاف: ٢٦]، وممن قال بهذا القول:-
ابن عباس وقتادة واختاره الطبري(١) واستحسنه النحاس(٢).
وقال بعض المفسرين إن عدم الاستطاعة المذكورة في الآية إنما هو للختم الذي ختم الله على قلوبهم وأسماعهم، والغشاوة التي جعل على أبصارهم، ويدل لهذا القول قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: ٧]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا ﴾ [الكهف: ٥٧]، ونحوها، وممن قال بهذا القول: مقاتل بن سليمان(٣) وابن جزي(٤) وغيرهم.
وقال بعض المفسرين إن عدم الاستطاعة في الآية هو لشدة كراهيتهم لكلام الرسل ويدل لهذا القول قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا ﴾ [الحج: ٧٢]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ ﴾ [فصلت: ٢٦] ونحوها، وممن قال بهذا القول:-

(١) جامع البيان للطبري ٧/٢٤.
(٢) معاني القرآن الكريم للنحاس ٣/٣٤٠.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١١٤.
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي ١/٣٩٤.


الصفحة التالية
Icon