قال بعض المفسرين(١) إن الخطاب في هذه الآية متوجه إلى النبي - ﷺ -، والمراد أمته ليشرع لهم على لسانه إخلاص التوحيد في العبادة لله تعالى لأنه معلوم أن النبي - ﷺ - لا يجعل مع الله إلهاً آخر وأنه لا يقعد مذموماً مخذولاً، ومن الآيات الدالة على أن الخطاب يوجه إليه - ﷺ - والمراد بذلك التشريع لأمته لا نفس خطابه هو - ﷺ - قوله تعالى بعد هذه الآية:- ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ أي إن يبلغ عندك والداك أو أحدهما الكبر فلا تقل لهما أف.. ومعلوم أن والديه - ﷺ - قد ماتا قبل ذلك بزمن طويل، فلا وجه لاشتراط بلوغهما أو أحدهما الكبر بعد أن ماتا بزمن طويل إلا أن المراد التشريع لغيره - ﷺ -. وقال بعض المفسرين(٢) إن الخطاب في الآية متوجه إلى المكلف لأنه تعالى عطف عليه قوله ﴿ * وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ وهذا لا يليق بالنبي - ﷺ - لأن أبويه ما بلغا الكبر عنده(٣).
* تحرير المسألة:-
(٢) ينظر: التفسير الكبير للرازي ٢٠/١٤٦، والتسهيل لابن جزي ١/٤٨٥، والبحر المحيط لأبي حيان ٧/٣٠، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/٣٥ وغيرهم.
(٣) التفسير الكبير للرازي ٢٠/١٤٦.