الذي يظهر مما سبق أن الخطاب في الآية متوجه إلى النبي - ﷺ - والمراد أمته ليشرع لهم على لسانه إخلاص التوحيد في العبادة لله تعالى، والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة منها قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: ١]، وقوله تعالى ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء: ٢٣] ومعلوم أن والديه لم يبلغا الكبر عنده ولكن المراد التشريع لغيره ونحو ذلك من الآيات، أما قول من قال إن الخطاب متوجه إلى المكلف لأن هذا لا يليق بالنبي - ﷺ -، فيقال ليس المراد منه النبي - ﷺ - ولكن المراد التشريع لأمته وهذا من أساليب اللغة العربية(١) - والله أعلم -.
- المراد بقوله تعالى: ﴿ فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ﴾
قال تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (٣٣) ﴾ [الإسراء: ٣٣].
* اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى ﴿ فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ﴾ على قولين هما:-
١- أن المراد لا يسرف ولي المقتول في القتل، وذلك كأن يمثل بالقاتل بعد قتله أو يقتل غيره أو يقتل اثنين أو أكثر بواحد ونحو ذلك.
٢- لا يسرف القاتل بالقتل تعدياً وظلماً(٢).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
[بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن من قتل مظلوماً فقد جعل الله لوليه سلطاناً ونهاه عن الإسراف في القتل ووعده بأنه منصور.

(١) من أساليب اللغة توجيه الخطاب لإنسان والمراد غيره كقول الراجز: إياك أعني واسمعي يا جاره.
(٢) ينظر: معالم التنزيل للبغوي ٣/١١٣ - ١١٤، وزاد المسير لابن الجوزي ٣/٢٣.


الصفحة التالية
Icon