ويدل لهذا المعنى آيات من كتاب الله تعالى كقوله تعالى ﴿ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: ٩٣]، وقوله ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) ﴾ [الحجر: ٩٢- ٩٣] ونحو ذلك من الآيات.
والوجه الثاني: أن الجوارح هي التي تسأل عن أفعال صاحبها، فتشهد عليه جوارحه بما فعل.
قال القرطبي في تفسيره(١): وهذا المعنى أبلغ في الحجة، فإنه يقع تكذيبه من جوارحه وتلك غاية الخزي كما قال تعالى ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) ﴾ [يس: ٦٥]، وقوله تعالى: ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: ٢٠].
قال مقيده عفا الله عنه: والقول الأول أظهر عندي، وهو قول الجمهور](٢).
* دراسة الترجيح:-
قال جمهور المفسرين(٣) إن معنى الآية أن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أفعال جوارحه، فيقال له لم سمعت ما لا يحل لك سماعه ؟ ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه؟ ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه ؟، ويدل لهذا المعنى آيات كثيرة منها قوله تعالى
﴿ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: ٩٣]، وقوله تعالى ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) ﴾ [الحجر: ٩٢- ٩٣] ونحو ذلك من الآيات.

(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٠/٢٢٧.
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٠٨.
(٣) ينظر: الوسيط للواحدي ٣/١٠٨ فقد اقتصر على هذا القول، وكذلك ابن الجوزي في زاد المسير ٣/٢٥، ورجحه ابن جزي في التسهيل ١/٤٨٧، وابتدأ به ابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٣/٤٠، وكذلك القاسمي في محاسن التأويل ١٠/٣٩٢٨، واقتصر عليه السعدي في تيسير الكريم الرحمن ٣/١٠٨ وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon