وقال بعض المفسرين(١) إن معنى الآية أن الجوارح تسأل عن أفعال صاحبها فتشهد عليه بما فعل كما قال تعالى ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) ﴾ [يس: ٦٥]، وكقوله تعالى ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: ٢٠] -.
تحرير المسألة:-
الذي يظهر مما تقدم أن معنى الآية أن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أفعال جوارحه - وهو قول جمهور المفسرين -، ويدل له قوله تعالى ﴿ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: ٩٣]، وقوله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) ﴾ [الحجر: ٩٢ -٩٣]، على أنه لا ينكر أن الله تعالى يوجد النطق في الجوارح حتى تنطق بما فعل أصحابها، كما هو ظاهر قوله تعالى ﴿ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: ٦٥]، وقوله تعالى ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [فصلت: ٢٠] - والله أعلم -.
- المراد بقوله تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ ﴾
﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (٣٧) ﴾ [الإسراء: ٣٧].
* اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ ﴾ على قولين هما:-
١- أن المراد لن تجعل في الأرض خرقاً وثقباً بدوسك لها وشدة وطئك عليها.