قال أكثر المفسرين(١) إن المراد بقوله تعالى ﴿ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ ﴾ أي لأستولين عليهم، ولأستأصلنهم بالإغواء والإضلال، من قول العرب، احتنك الجراد ما على الأرض إذا أكله.
وقال بعض المفسرين(٢) إن المعنى: لأقودنهم إلى ما أشاء، من قول العرب: احتنكت الفرس: إذا جعلت الرسن في حنكه لتقوده حيث شئت.
* تحرير المسألة:-
الذي يظهر مما تقدم أن المعنيين صحيحان من جهة اللغة ومتقاربان(٣)، ولكن المعنى الثاني - وهو لأقودنهم إلى ما أشاء - هو الألصق بالمعنى اللغوي، وهو المناسب لما نصب له إبليس نفسه من الإغواء والإضلال المفضي إلى الهلاك، قال تعالى ﴿ لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ ِNخgخ=ح !$oےw وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧) ﴾ [الأعراف ١٦، ١٧] - والله أعلم -.

(١) هذا قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد كما في جامع البيان للطبري ٨/١٠٧، وقد اقتصر الطبري على هذا القول، ووجه الفراء الآية على هذا القول كما في معاني القرآن ٢/١٢٧، واقتصر عليه الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣/٢٤٩، والواحدي في الوسيط ٣/١١٥، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم ٣/٥٠، ورجحه الشوكاني في فتح القدير ٣/٣٣٥.
(٢) ينظر: تفسير المشكل من غريب القرآن لمكي ص١٣٨، وأضواء البيان للشنقيطي ٢/٣١٦.
(٣) ينظر: لسان العرب لابن منظور ١٠/٤١٦، ٤١٧ مادة (حنك)، ومعجم مقاييس اللغة لابن ٢/١١٢، وقد فسَّر كثير من المفسرين الآية بالمعنيين، ينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص٢٥٨، ومعاني القرآن للنحاس ٤/١٧١، وبحر العلوم للسمرقندي ٢/٧٥ والمفردات للراغب ص١٣٤، والمحرر الوجيز لابن عطية ٣/٤٧٠، والتفسير الكبير للرازي ٢١/٤، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٠/٢٤٩، ٢٥٠، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود ٥/١٨٣ وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon