* اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى "قيماً" على أقوال منها:-
١- قيماً أي مستقيماً لا ميل فيه ولا زيغ.
٢- أنه قيمٌ على ما قبله من الكتب السماوية ومهيمن عليها.
٣- أنه قيم بمصالح الخلق الدينية والدنيوية(١).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
[وقوله في هذه الآية الكريمة: "قيّماً" أي مستقيماً لا ميل فيه ولا زيغ، وما ذكره هنا "من كونه" "قيماً" لا ميل فيه ولا زيغ بيّنه أيضاً في مواضع أخر كقوله ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) ﴾ [البينة: ١ - ٣]، وقوله تعالى ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: ٩]، وقوله ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٧) ﴾ [يونس: ٣٧].
وهذا الذي فسرنا به قوله تعالى "قيماً" هو قول الجمهور - وهو الظاهر -، وعليه فهو تأكيد في المعنى لقوله ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ %y`uqدم ﴾ لأنه قد يكون الشيء مستقيماً في الظاهر وهو لا يخلو من اعوجاج في حقيقة الأمر، ولذا جمع تعالى بين نفي العوج وإثبات الاستقامة، وفي قوله "قيماً" وجهان آخران من التفسير:-
الأول: أنه معنى كونه "قيماً" أنه قيم على ما قبله من الكتب السماوية، أي مهيمن عليها، وعلى هذا التفسير فالآية كقوله تعالى ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: ٤٨].