وفي هذا اختلاف كثير بين العلماء، والذي يبينه القرآن ويشهد له من تلك الأقوال هو أن محل ذلك إنما هو في أصحاب العهود المطلقة غير الموقتة بوقت معين، أو من كانت مدة عهده الموقت أقل من أربعة أشهر فتكمل له أربعة أشهر، أما أصحاب العهود الموقتة الباقي من مدتها أكثر من أربعة أشهر فإنه يجب لهم إتمام مدتهم، ودليله المبين له من القرآن هو قوله تعالى ﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤) ﴾ [التوبة: ٤]..](١).
- مثال آخر: عند قوله تعالى ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦) ﴾ [الكهف: ٦]، قال بعد أن ذكر أقوال العلماء في معنى "لعل".
[وأظهر هذه الأقوال عندي في معنى "لعل" أن المراد بها في الآية النهي عن الحزن عليهم... ، ومن الأدلة على أن المراد بها النهي عن ذلك كثرة ورود النهي صريحاً عن ذلك، كقوله تعالى ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ﴾ [فاطر: ٨]، وقوله ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الحجر: ٨٨]، وقوله ﴿ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: ٦٨] إلى غير ذلك من الآيات، وخير ما يفسر به القرآن القرآن](٢).
- المبحث الثاني -
- الترجيح بدلالة السنة -
إن تفسير القرآن الكريم بالسنة النبوية المطهرة يعد أصح طرق التفسير بعد القرآن الكريم، فهي شارحة وموضحة له(٣).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٣٩.
(٣) مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص٨٤، تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه د. علي بن سليمان العبيد مكتبة التوبة الرياض الطبعة الأولى ١٤١٨هـ ص٥٣.