٢- أن المعنى: أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، فإن الذي آتيتك من العلم والحكمة والكتاب والسنة أفضل من شأنهم(١).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
[أظهر الأقوال في معنى الآية الكريمة: أن الله يقول لنبيه - ﷺ - : إن قصة أصحاب الكهف وإن استعظمها الناس وعجبوا منها فليست شيئاً عجباً بالنسبة إلى قدرتنا وعظيم صنعنا، فإن خلقنا للسموات والأرض وجعلنا ما على الأرض زينة لها، وجعلنا إياها بعد ذلك صعيداً جرزاً أعظم وأعجب مما فعلنا بأصحاب الكهف، ومن كوننا أنمناهم هذا الزمن الطويل ثم بعثناهم، ويدل لهذا الذي ذكرنا آيات كثيرة: منها: أنه قال: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا ﴾ إلى قوله ﴿ صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: ٧، ٨]، ثم أتبع ذلك بقوله ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ ﴾ فدل ذلك على أن المراد أن قصتهم لا عجب فيها بالنسبة إلى ما خلقنا مما هو أعظم منها.
ومنها: أنه يكثر في القرآن العظيم تنبيه الناس على أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق الناس، ومن خلق الأعظم فهو قادر على الأصغر بلا شك، كقوله تعالى ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غافر: ٥٧]، وكقوله: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) ﴾ إلى قوله (متاعاً لكم ولأنعامكم) [النازعات: ٢٧ - ٣٣]...
ومن خلق هذه المخلوقات العظام: كالسماء والأرض وما فيهما - فلا عجب في إقامته أهل الكهف هذه المدة الطويلة ثم بعثه إياهم كما هو واضح](٢).
* دراسة الترجيح:-
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٤١.