ذهب جمهور المفسرين(١) إلى أن معنى الآية: أن الله تعالى يقول لنبيه - ﷺ - أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، فإن ما خلقت من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب من أمر أصحاب الكهف، ويدل لهذا آيات كثيرة منها أن الله تعالى قال ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: ٧ - ٨] ثم أتبع ذلك بقوله ﴿ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ﴾ فدل ذلك على أن المراد أن قصتهم لا عجب فيها بالنسبة إلى ما خلقنا مما هو أعظم منها.
ومن الأدلة أنه يكثر في القرآن تنبيه الناس على أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق الناس، ومن خلق الأعظم فهو قادر على الأصغر بلا شك كقوله تعالى: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غافر: ٥٧]، وكقوله تعالى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) ﴾ إلى قوله ﴿ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣) ﴾ [النازعات: ٢٧-٣٣]، ومن خلق هذه المخلوقات العظام فلا عجب في إقامته أهل الكهف هذه المدة الطويلة ثم بعثه إياهم.
وقيل إن معنى الآية: أم حسبت يا محمد أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً، فإن الذي آتيتك من العلم والحكمة والكتاب والسنة أفضل من شأنهم(٢).
* تحرير المسألة:-
(٢) هذا قول ابن عباس ينظر: جامع البيان للطبري ٨/١٨٠.