فقوله "يقرضن أقواز مشرف" أي يقطعنها ويبعدنها ناحية الشمال وعن أيمانهن الفوارس، وهو موضع أو رمال الدهناء، والأقواز: جمع قوز وهو العالي من الرمل كأنه جبل.... ، وهذا الذي ذكرنا هو الصواب في معنى قوله تعالى "تقرضهم" خلافاً لمن زعم أن معنى تقرضهم: تقطعهم من ضوئها شيئاً ثم يزول سريعاً كالقرض يسترد، ومراد قائل هذا القول أن الشمس تميل عنهم بالغداة وتصيبهم بالعشي إصابة خفيفة بقدر ما يطيب لهم هواء المكان ولا يتعفن.
وقال أبو حيان في البحر(١): ولو كان من القرض الذي يعطى ثم يسترد لكان الفعل رباعياً، فتكون التاء في قوله "تقرضهم" مضمومة لكن دل فتح التاء من قوله "تقرضهم" على أنه من القرض بمعنى القطع...](٢).
* دراسة الترجيح:-
قال جمهور المفسرين(٣) إن معنى "تقرضهم" أي تقطعهم وتتجافى عنهم ولا تقربهم، من القرض بمعنى القطع والصرم، وهذا قول أهل اللغة وهو معروف في كلام العرب(٤).
وقال بعض المفسرين(٥) إن معنى "تقرضهم" تقطعهم من ضوئها شيئاً ثم يزول سريعاً كالقرض يسترد، فالشمس تميل عنهم بالغداة وتصيبهم بالعشي إصابة خفيفة بقدر ما يطيب لهم هواء المكان ولا يتعفن.
* تحرير المسألة:-
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٥١ - ٣٥٢.
(٣) ينظر: جامع البيان للطبري ٨/١٩٢ - ١٩٣، وقد عزاهُ إلى ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير رضي الله عنهم، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/٢٧٣، وبحر العلوم للسمرقندي ٢/٢٩٣، ومعالم التنزيل للبغوي ٣/١٥٣، والكشاف للزمخشري ٣/٥٧٠، والتفسير الكبير للرازي ٢١/٨٥، والبحر المحيط لأبي حيان ٧/١٥٢، وفتح القدير للشوكاني ٣/٣٨١ وغيرهم.
(٤) ينظر: المفردات للراغب الأصفهاني ص٤٠٠، ولسان العرب لابن منظور ٧/٢١٦.
(٥) ذكر هذا القول ابن عطية في المحرر الوجيز ٣/٥٠٣، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٠/٣٢١، ورجحه ابن عثيمين في تفسير سورة الكهف ص٣٢.