الذي يظهر مما تقدم أن معنى "تقرضهم" أي تقطعهم وتتجافى عنهم ولا تقربهم، من القرض بمعنى القطع والصرم - وهو قول جمهور المفسرين -.
أما القول بأن معنى "تقرضهم" أي تقطعهم من ضوئها شيئاً ثم يزول سريعاً كالقرض يسترد فهو بعيد، إذ لو كان المعنى كذلك لكان الفعل رباعياً، فتكون التاء في قوله تعالى "تقرضهم" مضمومة، لكن فتح التاء دل على أنه من القرض بمعنى القطع والصرم
- والله أعلم -.
* المراد بـ"الوصيد" في قوله تعالى:-
﴿ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (١٨) ﴾ [الكهف: ١٨].
* اختلف العلماء في المراد بـ"الوصيد" في هذه الآية على أقوال منها:-
١- أن المراد به الباب.
٢- أن المراد به العتبة.
٣- أنه الصعيد والتراب(١).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
اختلفت عبارات المفسرين في المراد بـ"الوصيد" فقيل: هو فناء البيت، ويروى عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وقيل الوصيد: الباب، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً(٢)، وقيل الوصيد: العتبة، وقيل: الصعيد.
والذي يشهد له القرآن أن الوصيد هو الباب، ويقال له أصيد أيضاً لأن الله يقول
﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) ﴾ [الهمزة: ٨] أي مغلقة مطبقة، وذلك بإغلاق كل وصيد أو أصيد وهو الباب من أبوابها...](٣).
* دراسة الترجيح:-
(٢) تنظر هذه الآثار في جامع البيان للطبري ٨/١٩٥.
(٣) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٥٤.