والقول الأول هو الذي يدل له القرآن لأن أكل الحلال والعمل الصالح أمر الله به المؤمنين كما أمر المرسلين، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾ [المؤمنون: ٥١]، وقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢) ﴾ [البقرة: ١٧٢]، ويكثر في القرآن إطلاق مادة الزكاة على الطهارة كقوله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) ﴾ [الأعلى: ١٤]، وقوله ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) ﴾ [الشمس: ٩]، وقوله ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ﴾ [النور: ٢١]، وقوله ﴿ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١) ﴾ [الكهف: ٨١]، وقوله ﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾ [الكهف: ٧٤] إلى غير ذلك من الآيات.
فالزكاة في هذه الآيات ونحوها يراد بها الطهارة من أدناس الذنوب والمعاصي، فاللائق بحال هؤلاء الفتية الأخيار المتقين أن يكون مطلبهم في مأكلهم الحلّية والطهارة لا الكثرة](١).
* دراسة الترجيح:-

(١) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٥٦.


الصفحة التالية
Icon