الأول: أن هذه الآية الكريمة متعلقة بما قبلها، والمعنى: أنك إن قلت سأفعل غداً كذا ونسيت أن تقول إن شاء الله، ثم تذكرت بعد ذلك فقل إن شاء الله، أي اذكر ربك معلقاً على مشيئته ما تقول أنك ستفعله غداً إذا تذكرت بعد النسيان، وهذا القول هو الظاهر لأنه يدل عليه قوله تعالى ﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: ٢٣، ٢٤] وهو قول الجمهور.
القول الثاني: أن الآية لا تعلق لها بما قبلها، والمعنى: إذا وقع منك النسيان لشيء فاذكر الله، لأن النسيان من الشيطان، كما قال تعالى عن فتى موسى ﴿ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ﴾ [الكهف: ٦٣]، وكقوله ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ﴾ [المجادلة: ١٩]، وقال تعالى ﴿ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: ٦٨]، وذكر الله تعالى يطرد الشيطان كما يدل لذلك قوله تعالى ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) ﴾ [الزخرف: ٣٦]، وقوله تعالى ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤) ﴾ [الناس: ١- ٤].... ، وقال بعضهم "واذكر ربك إذا نسيت" أي صل الصلاة التي كنت ناسياً لها عند ذكرك لها كما قال تعالى ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: ١٤]، وقول من قال إذا نسيت أي إذا غضبت ظاهر السقوط](١).
* دراسة الترجيح:-

(١) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٧٤.


الصفحة التالية
Icon