ويدل لهذا الوجه آيات كثيرة كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) ﴾ [يونس: ٩٦]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١) ﴾ [يونس: ١٠١] ونحو ذلك من الآيات.
ومنها: أن معنى الآية أنهم أخذ عليهم الميثاق فآمنوا كرها فما كانوا ليؤمنوا بعد ذلك طوعاً، ويروى هذا عن السدي(١)، وهو راجع في المعنى إلى الأول.
ومنها: أن معنى الآية أنهم لو ردوا إلى الدنيا مرة لكفروا أيضاً فما كانوا ليؤمنوا في الرد إلى الدنيا بما كذبوا به من قبل أي في المرة الأولى، ويروى هذا عن مجاهد، ويدل لمعنى هذا القول قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ﴾ [الأنعام - ٢٨] لكنه بعيد من ظاهر الآية.
ومنها: أن معنى الآية فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد عليهم، وهذا القول حكاه ابن عطية، واستحسنه ابن كثير(٢)،

(١) هو: إسماعيل بن عبد الرحمن الهاشمي السدي، الإمام المفسر، أبو محمد صاحب التفسير، حدّث عن أنس وابن عباس، مات سنة ١٢٧هـ.
ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ٥/٢٦٤، وطبقات المفسرين للداودي ص٧٩.
(٢) هو: إسماعيل بن عمر بن كثير، الإمام الحافظ المحدث الفقيه المفسر المؤرخ، صاحب التصانيف، تتلمذ على المزي وصاهره وأخذ عنه، توفي سنة ٧٧٤هـ.
ينظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد سيد جاد الحق، دار الكتب الحديثة مصر، ط٢ ١٣٨٥هـ، [١/٣٩٩]، وطبقات المفسرين للداودي ص٧٩.


الصفحة التالية
Icon