وهو من أقرب الأقوال لظاهر الآية الكريمة ووجهه ظاهر لأن شؤم المبادرة إلى تكذيب الرسل سبب للطبع على القلوب والإبعاد عن الهدى والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة كقوله تعالى: ﴿ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ﴾ [النساء: ١٥٥]، ﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ﴾ [الصف: ٥] وقوله: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: ١٠] وقوله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [المنافقون: ٣]. إلى غير ذلك من الآيات](١).
* دراسة الترجيح:-
قال بعض المفسرين إن معنى الآية فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد عليهم، وممن قال بهذا القول: ابن عطية(٢) وابن كثير(٣) والقاسمي(٤) والسعدي(٥)
(٢) المحرر الوجيز لابن عطية ٢/٤٣٤.
وابن عطية هو عبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي الغرناطي، أبو محمد، صاحب المحرر الوجيز، كان فقيهاً عالماً بالتفسير والأحكام والحديث واللغة، توفي سنة ٥٤١هـ.
ينظر: طبقات المفسرين للسيوطي ص٦٠، وطبقات المفسرين للداوودي ص١٨٥.
(٣) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، دار الفكر بيروت، ١٤٠٧هـ، [٢/٢٣٦].
(٤) محاسن التأويل للقاسمي، علق عليه محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي، وشركاه، ط١، ١٣٧٦هـ، [٧/٢٨٢٩].
والقاسمي هو: جمال الدين بن محمد بن سعيد القاسمي، إمام الشام في عصره، كان سلفي العقيدة، مؤلفاته تزيد على السبعين، منها "محاسن التأويل"، توفي في دمشق سنة ١٣٣٢هـ.
ينظر: الأعلام لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين بيروت، ط٧، ١٩٨٦م [٢/١٣٥].
(٥) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن السعدي، تقديم محمد زهري النجار، [٢/١٣٩].
والسعدي هو عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي، ولد عام ١٣٠٧هـ، ونشأ يتيماً فحفظ القرآن وطلب العلم، كان عالماً جليلاً وقاضياً مسدداً، له مؤلفات كثيرة من أشهرها "تيسير الكريم الرحمن"، توفي سنة ١٣٧٦هـ.
ينظر: علماء نجد خلال ستة قرون للشيخ عبد الله البسام، مكتبة النهضة الحديثة مكة المكرمة، ط١، ١٣٩٨هـ [٢/٤٢٢].