وأما ما روي عن بعض السلف من القول بنسخ هذه الآية فإن ذلك محمول على أنهم أرادوا بالنسخ البيان كما هي عادة السلف في إطلاق لفظ (النسخ) بمفهومه الواسع فيشمل بيان المجمل وتخصيص العام وتقييد المطلق وغيره - كما يشمل المعنى المعروف عند الأصوليين.
ومعلوم في علم الأصول أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا كان بين الدليلين تعارض حقيقي ولا يمكن الجمع بينهما وحمل أحدهما على الآخر، وفي هذه المسألة لا يوجد تعارض بين الآيتين الكريمتين أصلاً، فالآية الأولى ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ تفيد بأن الحكم في الأنفال لله والرسول - ﷺ - وليس لأحد آخر، وهذا باقٍ لا نزاع فيه، والآية الأخرى
﴿ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ جاءت لبيان مصارف الخمس، وبهذا يتبين أن الآية محكمة غير منسوخة. والله أعلم(١).
- المراد بـ(الفتح) في قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) ﴾ [الأنفال: ١٩].
* اختلف العلماء في المراد بـ(الفتح) في الآية على قولين هما:-
١- أن المراد به النصر.
٢- أن المراد به الحكم والقضاء(٢).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله-:

(١) ينظر: النسخ في القرآن الكريم د. مصطفى زيد ٢/٦١٨، دار الوفاء مصر، ط٣ ١٤٠٨هـ.
(٢) معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٢/٤٠٨.


الصفحة التالية
Icon