المراد بالفتح هنا في هذه الآية عند جمهور العلماء: الحكم، وذلك أن قريشاً لما أرادوا الخروج إلى غزوة بدر تعلقوا بأستار الكعبة، وزعموا أنهم قطان بيت الله الحرام وأنهم يسقون الحجيج ونحو ذلك، وأن محمداً - ﷺ - فرق الجماعة وقطع الرحم وسفه الآباء وعاب الدين ثم سألوا الله أن يحكم بينهم وبين النبي - ﷺ - بأن يهلك الظالم منهم وينصر المحق، فحكم الله بذلك وأهلكهم ونصره وأنزل الآية، ويدل على أن المراد بالفتح هنا الحكم أنه تعالى أتبعه بما يدل على أن الخطاب لكفار مكة وهو قوله: ﴿ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ ﴾ ويبين ذلك إطلاق الفتح بمعنى الحكم في القرآن في قوله عن شعيب وقومه:
﴿ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩) ﴾ [الأعراف: ٨٩]. أي احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين ويدل لذلك قوله تعالى عن شعيب في نفس القصة: ﴿ وَإِنْ كَانَ ×pxےح !$sغ مِنْكُمْ آَمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ×pxےح !$sغur لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (٨٧) ﴾ [الأعراف: ٨٧]، وهذه لغة حمير لأنهم يسمون القاضي فتاحاً والحكومة فتاحة، ومنه قول الشاعر:(١)

ألا أبلغ بني عمرو رسولاً بأني عن فتاحتكم غني
أي عن حكومتكم وقضائكم](٢).
* دراسة الترجيح:
(١) هو الأشعر الجعفي والبيت في لسان العرب لابن منظور مادة (فتح) ٢/٥٣٨.
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ١/٤٣٩.


الصفحة التالية
Icon