٢- قال بعض العلماء إن هناك فرقاً بين الغنيمة والفيء، فالغنيمة ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، والفيء ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير قتال(١).
* ترجيح الشنقيطي - رحمه الله -:
[اعلم أولاً أن أكثر العلماء: فرقوا بين الفيء والغنيمة فقالوا: الفيء هو ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انتزاعه منهم بالقهر كفيء بني النضير الذين نزلوا على حكم النبي - ﷺ - ومكنوه من أنفسهم وأموالهم يفعل فيها ما يشاء لشدة الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم، ورضي لهم - ﷺ - أن يرتحلوا بما يحملون على الإبل غير السلاح، وأما الغنيمة: فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، وهذا التفريق يفهم من قوله ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ ﴾ الآية [الأنفال: ٤١] مع قوله ﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ﴾ [الحشر: ٦]، فإن قوله تعالى ﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ ﴾ الآية ظاهر في أنه يراد به بيان الفرق بين ما أوجفوا عليه وما لم يوجفوا عليه كما ترى،... وعلى هذا القول فلا إشكال في الآيات لأن آية "واعلموا أنما غنمتم" ذكر فيها حكم الغنيمة، وآية ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ [الحشر: ٧] ذكر فيها حكم الفيء، وأشير لوجه الفرق بين المسألتين بقوله: ﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ﴾ [الحشر: ٦]، أي فكيف يكون غنيمة لكم وأنتم لم تتعبوا فيه ولم تنتزعوه بالقوة من مالكيه.
وقال بعض العلماء إن الغنيمة والفيء واحد، فجميع ما أخذ من الكفار على أي وجه كان غنيمةً وفيئاً، وهذا قول قتادة - رحمه الله - وهو المعروف في اللغة، والعرب تطلق اسم الفيء على الغنيمة ومنه قول المهلهل بن ربيعة التغلبي:
فلا وأبي جليلة ما أفأنا | من النعم المؤبل من بعير |