هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات الصفات... أشكلت على كثير من الناس إشكالاً ضلّ بسببه خلق لا يحصى كثرة، فصار قوم إلى التعطيل وقوم إلى التشبيه - سبحانه وتعالى علواً كبيراً عن ذلك كله -، والله جل وعلا أوضح هذا غاية الإيضاح، ولم يترك فيه أي لبس ولا إشكال، وحاصل تحرير ذلك أنه جل وعلا بين أن الحق في آيات الصفات متركب من أمرين:-
أحدهما: تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة الحوادث في صفاتهم سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
والثاني: الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه أو وصفه به رسوله - ﷺ -.
فمن نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه في كتابه العزيز أو أثبته له رسوله - ﷺ - زاعماً أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جلا وعلا فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما يليق بالله جلا وعلا... ، ومن اعتقد أن وصف الله يشابه صفات الخلق فهو مشبه ملحد ضال، ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله - ﷺ - مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق فهو مؤمن جامع بين الإيمان بصفات الكمال والجلال، والتنزيه عن مشابهة الخلق، سالم من ورطة التشبيه والتعطيل...](١).
وأيضاً عند قوله تعالى ﴿ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: ١٣] ذكر الآيات الدالة على زيادة الإيمان ثم قال:-
[وهذه الآيات المذكورة نصوص صريحة في أن الإيمان يزيد، مفهوم منها أنه ينقص أيضاً...](٢).
وكذلك عند قوله تعالى ﴿ * قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا ﴾ [الحجرات: ١٤] قال [وقد قدمنا مراراً أن مسمى الإيمان الشرعي الصحيح والإسلام الشرعي الصحيح هو استسلام القلب بالاعتقاد واللسان بالإقرار والجوارح بالعمل، فمؤداهما واحد...](٣).
(٢) أضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٤٧.
(٣) المرجع السابق ٥/١٧١.