٣- الشيخ عبدالله بن غديان(١)، عضو هيئة كبار العلماء.
٤- الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين(٢)، عضو لجنة الإفتاء.
٥- الشيخ محمد بن صالح العثيمين(٣) - رحمه الله - عضو هيئة كبار العلماء.

(١) عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالرزاق الغديان التميمي، ولد في مدينة الزلفي عام ١٣٤٥هـ، تخرج في كلية الشريعة عام ١٣٧٦هـ، وعُين رئيساً لمحكمة الخير، ثم نقل للتدريس بالمعهد العلمي، فمدرساً في كلية الشريعة، ثم عين عضواً للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، بالإضافة إلى عضوية هيئة كبار العلماء، ولا يزال عضواً فيهما حتى الآن.
ينظر : علماء وأعلام وأعيان الزلفي لفهد بن عبدالعزيز الكليب، الطبعة الأولى، ١٤١٥هـ، ص ٣٠٣.
(٢) عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين، فقيه مفتي، ولد في محافظة القويعية عام ١٣٤٩هـ، التحق بمعهد إمام الدعوة بالرياض، وتخرج في كلية الشريعة، نال درجة الماجستير والدكتوراه في الفقه، عُين عضواً للإفتاء في رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ولا يزال، من مؤلفاته :(شرح منهج السالكين للسعدي ) و ( شرح العقيدة الواسطية ) وغيرها.
... ينظر : معجم الكتاب والمؤلفين في المملكة ص ٢٨.
(٣) محمد بن صالح بن محمد بن عثيمين المقبل الوهيبي التميمي، أبو عبدالله، علامة عصره، فقيه مفتي، تتلمذ على الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي وابن باز وغيرهما، كان عضواً في هيئة كبار العلماء، وعضواً في هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمدبن سعود الإسلامية بالقصيم، له ( تسهيل الفرائض ) و(القواعد المثلى في صفات أسماء الله الحسنى )، وغير ذلك، توفي سنة ١٤٢١هـ.
... ينظر: معجم الكتاب والمؤلفين في المملكة العربية السعودية، ص ١٠٣، وابن عثيمين الإمام الزاهد للدكتور ناصر الزهراني، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، ١٤٢٢هـ، ص ٢٧ - ٣٥.

قال :(( واختار ابن جرير(١) أن المراد بالنفي في هذه الآية، أن يخرج من بلده إلى بلد آخر فيسجن فيه، وروي عن مالك أيضاً، وله اتجاه لأن التغريب عن الأوطان نوع من العقوبة، كما يفعل بالزاني البكر، وهذا أقرب الأقوال لظاهر الآية ؛ لأنه من المعلوم أنه لا يراد نفيهم من جميع الأرض إلى السماء، فعلم أن المراد بالأرض أوطانهم التي تشق عليهم مفارقتها )) (٢).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ [البقرة: ٢١٩ ].
قال: (( والمراد بالعفو: الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات،
وهو مذهب الجمهور )) (٣).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ فَمَنْ s-£‰|ءs؟ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ﴾ [المائدة : ٤٥ ].
قال :(( جمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم، على أن معناها فهو كفارة للمتصدق وهو أظهر؛ لأن الضمير فيه عائد إلى مذكور، وذلك في المؤمن قطعاً دون الكافر، فالاستدلال بالآية ظاهر جداً )) (٤).
وأيضاً عند قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا (#نt¨u"y_ الَّذِينَ tbqç/ح'$utن† اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: ٣٣ ].
قال: ((اعلم أن هذه الآية اختلف في سبب نزولها، فقيل: نزلت في قوم من المشركين، وقيل : نزلت في قوم من أهل الكتاب، وقيل : نزلت في الحرورية (٥).
(١) ينظر : جامع البيان ١٠/٢٧٤.
(٢) ينظر : أضواء البيان ١/٣٠٣.
(٣) ينظر : أضواء البيان ١/٥١.
(٤) المرجع السابق ١/٣١١.
(٥) الحرورية هي فرقة يقولون بتكفير الأمة، ويتبرؤون من الختنين، ويتولون الشيخين، ويسبون ويستحلون الأموال والفروج، ويأخذون بالقرآن ولا يقولون بالسنة أصلاً.
... ينظر : التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسين محمد الشافعي ص٦٨.

وقال بعضهم : إن المراد بالفرقان فرق البحر لهم (١).
وقال آخرون : الفرقان هو القرآن ؛ أي آتينا موسى الكتاب ومحمداً الفرقان (٢).
تحرير المسألة :
الذي يظهر - مما تقدم - أن المراد بالفرقان في قوله تعالى :﴿ وَإِذْ $sY÷ s؟#uن مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ ِNن٣¯=yès٩ tbrك‰tG÷ksE ﴾ هو الكتاب الذي أوتيه موسى، فكرره بغير اللفظ، وهو ما اختاره الشنقيطي، وقال به أكثر المفسرين ؛ لأن ذلك الكتاب الذي هو التوراة موصوف بأمرين : الأول : أنه مكتوب كتبه الله لنبيه موسى -عليه السلام-، والثاني : أنه فرقان، أي فارق بين الحق والباطل، فعطف الفرقان على الكتاب، مع أنه هو نفسه نظراً لتغاير الصفتين. ويدل على أن الفرقان هو ما أوتيه موسى قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ $sY÷ s؟#uن مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ ﴾ [الأنبياء: ٤٨].
وقول من قال : إن المراد بالفرقان في الآية هو ما في التوراة من الفرق بين الحق والباطل، فيكون الفرقان نعتاً للتوراة لا يخلو من وجاهة ؛ ولكن القول الأول أقرب وعليه جماعة من المفسرين.
(١) ينظر : معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ هـ، تعليق : إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، الأولى ١٤٢٣هـ، ١/٣٧، ومعالم التنزيل للبغوي ١/٧٣، وإيجاز البيان عن معاني القرآن لمحمود بن أبي الحسن النيسابوري ( المتوفى سنة ٥٥٣ l )، تحقيق : د. علي بن سليمان العبيد، مكتبة التوبة، الرياض، الطبعة الأولى ١٤١٨هـ، ١/٩٨، والتفسير الكبير للرازي ٣/٧٣، والتسهيل لابن جزي الكلبي ١/٤٨.
(٢) ينظر : معاني القرآن للفراء ١/٣٧.
وقد ضعّف هذا القول جماعة من المفسرين، ينظر : إعراب القرآن للنحاس ١/٢٢٥، والمحرر الوجيز لابن عطية ١/١٤٤، والتفسير الكبير للرازي ٣/٧٣، والتسهيل لابن جزي ١/٤٨، وروح المعاني للألوسي ١/٢٥٩.

y٧مèدù#u'ur إِلَيَّ } أي منيمك ورافعك إليّ في تلك النومة، وهو ما مال إليه الشنقيطي - يرحمه الله - واختاره أكثر المفسرين، قال الطبري :(( وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض ورافعك، لتواتر الأخبار عن رسول الله - ﷺ - (١) أنه قال : ينزل عيسى بن مريم، فيقتل الدجال، ثم يمكث في الأرض مدة ذكرها، اختلفت الرواية في مبلغها، ثم يموت فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه، ثم قال : ومعلوم أنه لو كان قد أماته الله عز وجل، لم يكن بالذي يميته ميتة أخرى، فيجمع عليه ميتتين ؛ لأن الله - عز وجل - إنما أخبر عباده أنه يخلقهم، ثم يميتهم، ثم يحييهم، كما قال جل ثناؤه :﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ Nن٣ح !%x.uژà° مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الروم: ٤٠]، فتأويل الآية إذاً : قال الله لعيسى: يا عيسى، إني قابضك من الأرض ورافعك إليّ، ومطهرك من الذين كفروا فجحدوا نبوتك))(٢).
أما قول من قال : إن المراد بالوفاة الموت، وعليه ففي الآية تقديم وتأخير، تقديره : إني رافعك إليّ ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد ذلك، فهو قول محتمل ليس ببعيد، ولكن القول الأول أوجه وأقرب، والله تعالى أعلم.
٤- المراد بالكفر في قوله تعالى ﴿ ومن كفر ﴾ :
(١) منها ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث النواس بن سمعان في كتاب الفتن، باب (ذكر الدجال)، رقم (٧٣٧٣) ص ١١٨٦.
وأبو داود في سننه أول كتاب الملاحم، باب (خروج الدجال)، رقم (٤٣٢١)، ص١٥٣٧.
والترمذي في جامعه أبواب الفتن عن رسول الله - ﷺ - باب (ما جاء في فتنة الدجال)، رقم (٢٢٤٠) ص١٨٧٧، وقال الترمذي : حديث غريب حسن صحيح.
(٢) جامع البيان ٦/٤٥٨-٤٦٠.

اختلف في إعراب قوله كلالة، فقال بعض العلماء : هي حال من نائب فاعل (يورث) على حذف مضاف، أي : يورث في حال كونه ذا كلالة، أي قرابة غير الآباء والأبناء، واختاره الزجاج(١)، وهو الأظهر.
وقيل : هي مفعول له، أي : يورث لأجل الكلالة أي القرابة، وقيل : هي خبر كان، ويورث صفة لرجل، أي : كان رجل موروث ذا كلالة ليس بوالد ولا ولد، وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم ](٢).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في إعراب قوله :( كلالة ) أنها حال من نائب فاعل يورث على حذف مضاف.
دراسة الترجيح:
أكثر المفسرين وأهل اللغة على أن إعراب ( كلالة ) هي حال من نائب فاعل يورث على حذف مضاف، أي : يورث في حال كونه ذا كلالة، ومن القائلين بذلك الآتي ذكرهم:
الزجاج(٣)، والنيسابوري(٤)، وابن الأنباري(٥)، والعكبري(٦)، وأبو حيان(٧)، والسمين الحلبي(٨)، والشوكاني(٩)، والألوسي(١٠)، وابن عاشور(١١).
وقالت طائفة : هي مفعول له، أي: يورث لأجل الكلالة أي القرابة، وممن قال بذلك: أبو السعود(١٢).
وقال آخرون: هي خبر كان، ويورث صفة لرجل، أي : كان رجل موروث ذا كلالة ليس بوالد ولا ولد، وممن قال بذلك:
الأخفش سعيد(١٣)، والنحاس(١٤)، والزمخشري(١٥)، وابن عطية(١٦)، وابن جزي(١٧)، والقاسمي(١٨).
(١) معاني القرآن وإعرابه ٢/٥٢.
(٢) أضواء البيان ١/١٩٤.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٢/٢٥.
(٤) إيجاز البيان ١/١٩٦.
(٥) البيان في غريب إعراب القرآن ١/٢١٣.
(٦) التبيان في إعراب القرآن ص٩٩.
(٧) البحر المحيط ٣/٥٤٦.
(٨) الدر المصون ٣/٦٠٨.
(٩) فتح القدير ١/٤٣٤.
(١٠) روح المعاني ٤/٢٣٠.
(١١) التحرير والتنوير ٤/٢٦٥.
(١٢) إرشاد العقل السليم ٢/١٥١.
(١٣) معاني القرآن ١/٤٣٩.
(١٤) إعراب القرآن ١/٤٤١.
(١٥) الكشاف ١/٥٠٩.
(١٦) المحرر الوجيز ٢/١٩.
(١٧) التسهيل ١/١٣٣.
(١٨) محاسن التأويل ٥/٥٩.

وأما معارضته بإجماع فقهاء الأمصار، على أنه ليس بأصل يعتبر في صلاة المسافر خلف المقيم، فجوابه أن فقهاء الأمصار لم يجمعوا على ذلك، فقد ذهب جماعة من العلماء (١) إلى أن المسافر لا يصح اقتداؤه بالمقيم لمخالفتهما في العدد والنية، واحتجوا بحديث (( لا تختلفوا على إمامكم )) (٢).
وأما معارضته بمخالفة بعض الصحابة لها كابن عباس، فجوابه أن صلاة الحضر لما زيد فيها واستقر ذلك، صح أن يقال : إن فرض صلاة الحضر أربع كما قال ابن عباس.
وأما تضعيفه بالاضطراب فهو ظاهر السقوط ؛ لأنه ليس فيه اضطراب أصلاً، ومعنى فرض الله وفرض رسول الله واحد ؛ لأن الله هو المشرع والرسول هو المبين، فإذا قيل : فرض رسول الله كذا، فالمراد أنه مبلغ ذلك عن الله، فلا ينافي أن الله هو الذي فرض ذلك كما قال تعالى :﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [ النساء : ٨٠ ]، ونظيره حديث :" إن إبراهيم حرم مكة " (٣)
(١) وهم الظاهرية، قال بهذا القول داود الظاهري، وابن حزم.
ينظر: المحلى شرح المجلى لعلي بن أحمد بن حزم (المتوفى سنة ٤٥٦هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ، ٥/٢٤ وما بعدها.
(٢) أخرجه بمعناه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، كتاب الأذان، باب (إقامة الصف من تمام الصلاة) رقم (٧٢٢) ص٥٨.
وأخرجه بمعناه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أيضاً، كتاب الصلاة، باب (ائتمام المأموم بالإمام) رقم (٩٣٠) ص ٧٤٤.
(٣) أخرجه البخاري عن عبدالله بن زيد، كتاب البيوع، باب ( بركة صاع النبي - ﷺ - ومُده ) رقم (٢١٢٩) ص١٦٦.
ومسلم عن رافع بن خديج في كتاب الحج، باب ( فضل المدينة ودعاء النبي - ﷺ - فيها بالبركة ) رقم (٣٣١٥) ص٩٠٤.
وأحمد في المسند عن رافع بن خديج رقم (١٧٤٠٣) ص١٢٤٥.

الطبري(١)، والزجاج(٢)، والسمرقندي(٣)، والواحدي(٤)، والبغوي(٥)، وابن العربي(٦)، وابن الجوزي(٧)، والقرطبي(٨)، وابن جزي(٩)، وابن كثير(١٠)، والشوكاني(١١)، والألوسي(١٢)، والقاسمي(١٣)، والسعدي(١٤).
وقال بعضهم: إنهما رجلان من بني إسرائيل(١٥).
تحرير المسألة:
الذي يتضح - مما تقدم - أن المراد بابني آدم في قوله :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ ﴾ هما ابنا آدم لصلبه، كما عليه جمهور المفسرين، ورجحه الشنقيطي -يرحمه الله-؛ لأن ظاهر السياق القرآني يدل عليه في قوله تعالى :﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ﴾، قال ابن عطية بعد ذكره لقول الحسن:
(( وهذا وهم، وكيف يجهل صورة الدفن أحد من بني إسرائيل حتى يقتدي بالغراب، والصحيح قول الجمهور )) (١٦).
(١) جامع البيان ١٠/٢٠٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٢/١٦٦.
(٣) بحر العلوم ١/٤٢٩.
(٤) الوسيط ٢/١٧٦.
(٥) معالم التنزيل ٢/٢٨.
(٦) أحكام القرآن ٢/٦٣.
(٧) زاد المسير ٢/٣٣١.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ٦/٧٤.
(٩) التسهيل ١/١٧٤.
(١٠) تفسير القرآن العظيم ٢/٦٦.
(١١) فتح القدير ٢/٣٠.
(١٢) روح المعاني ٦/١١١.
(١٣) محاسن التأويل ٦/١٥٨.
(١٤) تيسير الكريم الرحمن ص١٩١.
(١٥) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٢/١٦٦، والكشاف للزمخشري ١/٦٠٦، والبحر المحيط لأبي حيان ٤/٢٢٧، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود ٣/٢٦، وغيرهم.
(١٦) المحرر الوجيز ٢/١٧٨.

ويدل عليه ترتيب قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ إلى آخره بالفاء على قوله تعالى :﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: ٧٥]، فدل على أنه قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم، كما دل عليه قوله :﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ﴾ [الأنعام: ٨٠]، وقوله :﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [الأنعام: ٨٣] كما ذكر ذلك الشنقيطي - يرحمه الله-.
والقول بأنه على حذف أداة الاستفهام الإنكاري أي: أهذا ربي؟ ليس ببعيد، والمعنى يحتمله ؛ إذ المقام مقام إنكار، وهو لم يقل ذلك إلا جازماً بعدم ربوبية غير الله تعالى.
وأما قول ابن عباس وغيره أنه كان يظن ذلك، وكان هذا منه زمن قصر النظر في الطفولة، فلا يظهر، وقد ضعّف هذا القول بعض المفسرين كابن عطية(١)، وأبي حيان(٢).
قال الطبري :(( وأنكر قوم من غير أهل الرواية هذا القول الذي روي عن ابن عباس وعمن روى عنه.. وقالوا : غير جائز أن يكون لله نبي ابتعثه بالرسالة، أتى عليه وقتٌ من الأوقات وهو بالغ، إلا وهو لله موحد وبه عارف، ومن كل ما يعبد من دونه بريء، قالوا : ولو جاز أن يكون قد أتى عليه بعض الأوقات وهو به كافر لم يجز أن يختصه بالرسالة.. )) (٣).
ولأن الله تعالى نفى كون الشرك ماضياً عن إبراهيم في قوله :﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: ١٢٣] في عدة آيات، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي، فبَعُد أن يكون قد تقدم عليه شرك يوماً ما.. والله تعالى أعلم.
٤- المراد بالحجة التي أوتيها إبراهيم -عليه السلام- في قوله تعالى :﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنعام: ٨٣]
(١) المحرر الوجيز ٢/٣١٣.
(٢) البحر المحيط ٤/٥٦٥.
(٣) ينظر: جامع البيان ١١/٤٨٣.

* وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) }... ١٢... ٤١، ١٩٦، ١٩٧، ١٩٨، ١٩٩
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩) ﴾... ١٩... ٢٠٢، ٢٠٣، ٢٤٦
﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٢١) ﴾... ٢١... ٢١٦
﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (٢٢) ﴾... ٢٢... ٤٢، ٤٣، ٢٠٤، ٢٠٥، ٢٠٦، ٢٠٧، ٢٠٨، ٢٠٩، ٢١٠


الصفحة التالية
Icon