٣- اختير للتدريس في المعهد العلمي في الرياض عند افتتاحه سنة ١٣٧١هـ، ثم كلف بالتدريس في كليتي الشريعة واللغة العربية عند افتتاحهما في الرياض، فتولى تدريس التفسير والأصول فيهما، وكانت مدة ذلك كله عشر سنوات، وفي أثناء تلك المدة كان يقدم درساً في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - في الأصول يحضره العامة والخاصة.
٤- تولى التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بعد افتتاحها عام ١٣٨١هـ، واستمر في ذلك.
٥- رشح عضواً في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.
٦- كان عضو المجلس التأسيسي في رابطة العالم الإسلامي، وغير ذلك من أعمال الخير(١).
تاسعاً : وفاته :
توفي - رحمه الله - ضحى يوم الخميس السابع عشر من شهر ذي الحجة عام ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة ١٧ / ١٢ / ١٣٩٣هـ، وكانت وفاته بمكة المكرمة أثناء رجوعه من الحج، وصلى عليه الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في الحرم المكي بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة.
وفي ليلة الأحد ٢٠ / ١٢ أقيمت عليه صلاة الغائب بالمسجد النبوي، وصلى عليه الشيخ عبدالعزيز بن صالح آل صالح - رحمه الله - بعد صلاة العشاء مباشرة، وصلى عليه من حضر من الحجاج عدد كبير (٢).
رحمه الله رحمة واسعة، وأجزل له العطاء وأحسن له الجزاء عما بذله من جهد وخلّفه من علم.. إنه جواد كريم.

(١) ينظر : أضواء البيان ١٠/٣٤ ترجمة الشيخ عطية سالم، ومنسك الإمام الشنقيطي للدكتور عبدالله الطيار والدكتور عبدالعزيز الحجيلان ١/٢٤-٢٦، وعلماء ومفكرون عرفتهم لمحمد المجذوب ١/١٧٦، ١٨٠-١٨٦، ورحلة الحج إلى بيت الله الحرام ص ٢٢، ٢٤ - ٣٠.
(٢) ينظر : أضواء البيان ١٠/٧ وما بعدها ترجمة الشيخ عطية سالم، وترجمة الشنقيطي لعبدالرحمن السديس ص ١٧٨- ١٧٩، ومنسك الإمام الشنقيطي للطيار والحجيلان ١/٣٤ وما بعدها.

- رحمه الله - (( فإن أعياك ذلك -يعني تفسير القرآن بالقرآن - فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي (١) : كل ما حكم به رسول الله -- فهو مما فهمه من القرآن)) (٢).
وقد اعتنى الشنقيطي - رحمه الله - بهذا النوع من الترجيح عناية ظاهرة، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي :
عند قوله تعالى :﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ ڑئَء­/uژyItƒ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة : ٢٢٨].
قال :((.. وأما الذين قالوا القروء الأطهار، فاحتجوا بقوله تعالى :﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ ئخkجE£‰دèد٩ ﴾ [الطلاق: ١] قالوا : عدتهن المأمور بطلاقهن لها الطهر لا الحيض كما هو صريح الآية، ويزيده إيضاحاً قوله - ﷺ - في حديث ابن عمر (٣) المتفق عليه :((فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله )) (٤)،
(١) تقدمت ترجمته ص (٤٢).
(٢) مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية، تحقيق : عبدالسلام بن محمد علوش، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى ١٤٢٥هـ، ص٢٨، وينظر: تفسير القرآن الكريم أصوله وضوابطه، د. علي بن سليمان العبيد، مكتبة التوبة، الرياض، الطبعة الأولى، ١٤١٨هـ، ص٥٣.
(٣) هو عبدالله بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو عبدالرحمن، ابن أمير المؤمنين عمر، كان من أهل الورع والعلم، توفي سنة ٧٣ هـ.
... ينظر : الاستيعاب لابن عبدالبر ص٤٧٣، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٧/٣٣٩.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الطلاق باب قول الله تعالى :( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ) رقم الحديث (٥٢٥١) ص٤٥٣، بنحوه، طبعة دار السلام، الرياض، الطبعة الثالثة ١٤٢١هـ.
وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب ( تحريم طلائق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر بمراجعتها ) رقم (٣٦٥٢) ص٩٢٧ بنحوه، طبعة دار السلام.

الذي يظهر - والله تعالى أعلم - أن الآية محكمة غير منسوخة ؛ لأن الله تعالى لم يأمر بالعفو مطلقاً، وإنما أمر به إلى غاية، وبيَّن الغاية بقوله :﴿ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ وما بعد الغاية يكون حكمه مخالفاً لما قبلها، وماهذا سبيله لا يكون أحدهما ناسخاً للآخر، بل يكون الأول قد انقضت مدته بغايته والآخر محتاجاً إلى حكم آخر(١).
قال الألوسي - رحمه الله - مضعفاً القول بالنسخ :(( واستشكل ذلك بأن النسخ لكونه بياناً لمدة الإنتهاء بالنسبة إلى الشارع، ودفعاً للتأبيد الظاهري من الإطلاق بالنسبة إلينا يقتضي أن يكون الحكم المنسوخ خالياً عن التوقيت والتأبيد ؛ فإنه لو كان مؤقتاً كان الناسخ بياناً له بالنسبة إلينا أيضاً، ولو كان مؤبداً كان بدءاً لا بياناً بالنسبة إلى الشارع، والأمر ههنا مؤقت بالغاية، وكونها غير معلومة يقتضي أن تكون آية القتال بياناً لإجماله، وبذلك تبين ضعف ما أجاب به الرازي(٢)، وتبعه فيه كثيرون من أن الغاية التي يتعلق بها الأمر إذا كانت لا تُعلم إلا شرعاً لم يخرج الوارد من أن يكون ناسخاً ويحل محل ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ﴾ إلى أن أنسخه لكم فليس هذا مثل قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة : ١٨٧] )) (٣).
وقال ابن الجوزي عن هذه الآية:((زعم قوم أنها منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح؛ لأنه لم يأمر بالعفو مطلقاً بل إلى غاية، ومثل هذا لا يدخل في المنسوخ )) (٤).
(١) ينظر : نواسخ القرآن لابن الجوزي ص٤٠.
(٢) ينظر : التفسير الكبير ٣/٢٢١.
(٣) روح المعاني للألوسي ١/٣٥٨.
(٤) المصفى بأَكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ لابن الجوزي ( المتوفى سنة ٥٩٧ l )، تحقيق د. حاتم الضامن، عالم الكتب، بيروت، مكتبة النهضة العربية، الطبعة الأولى، ١٤٠٩هـ، ص١٥.

الذي يظهر -مما سبق - أن المراد بالقرح الذي مس القوم المشركين في قوله تعالى:
﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ﴾ هو ما رجحه الشنقيطي في تفسيره وعليه جمهور المفسرين، وعليه فالمراد بالقرح ما أصابهم يوم بدر من القتل والأسر؛ بدلالة التثنية في قوله تعالى :﴿ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا ﴾، فإنها تدل على أن القرح الذي أصاب المشركين ما وقع بهم يوم بدر ؛ لأنه لم يَنقُل أَحد أن الكفار يوم أحد أصيبوا بمثلي ما أصيب به المسلمون، بل كان ذلك يوم بدر حيث قُتل منهم سبعون وأُسر سبعون، والله تعالى أعلم.
٦- نائب الفاعل في قوله :﴿ وكأين من نبي قُتل ﴾ على قراءة ﴿ قُتل ﴾ بالبناء للمفعول:
قوله تعالى :﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾ [آل عمران: ١٤٦]
اختلف في نائب الفاعل على قراءة من قرأ (قُتِل) بالبناء للمفعول على قولين:
١- أن يكون نائب الفاعل ( ربيون ) وعليه فليس في قُتِل ضمير أصلاً، ويكون قوله: ﴿ فما وهنوا ﴾ لمن بقي منهم.
٢- أن يكون ضميراً عائداً إلى النبي، ويكون المعنى : وكأين من نبي قُتل ومعه ربيون فما وهنوا بعد قتله (١).
ترجيح الشنقيطي - يرحمه الله -:
[ قوله تعالى :﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾ [آل عمران: ١٤٦]
(١) ينظر: زاد المسير لابن الجوزي ١/٤٧٢.

وصرح العلامة ابن القيم -رحمه الله- بأن هذا القول مردود لفظاً ومعنى(١)، فظهر أن سياق الآية يدل على المعنى الذي اخترنا، كما دلت عليه الآيات الأخر التي ذكرنا ويؤيده سبب النزول ؛ لأن سبب نزولها(٢) كما أخرجه مسلم في صحيحه(٣)، والإمام أحمد (٤)، وأبو داود(٥)، والترمذي(٦)، والنسائي(٧)، وابن ماجه (٨)، وعبد الرزاق (٩) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :(( أصبنا سبياً من سبي أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج، فسألنا النبي - ﷺ - فنزلت هذه الآية :﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾، فاستحللنا فروجهن )) (١٠) ].
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله- في المراد بالمحصنات في قوله تعالى
(١) ينظر : زاد المعاد ٥/١٢٩.
(٢) ينظر : أسباب النزول للواحدي ص ١٥٢.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب ( جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحه بالسبي ) رقم (٣٦٠٨) ص ٩٢٣ بمعناه.
(٤) أخرجه الإمام أحمد في المسند، رقم (١١٨١٩) ص ٨٣٥ بنحوه.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه كتاب النكاح، باب ( في وطء السبايا )، رقم (٢١٥٥) ص١٣٨١ بمعناه.
(٦) أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب تفسير القرآن، باب ( ومن سورة النساء )، رقم (٣٠١٧) ص ١٩٥٥ بنحوه، وقال: هذا حديث حسن.
(٧) أخرجه النسائي في السنن الصغرى، كتاب النكاح، باب ( تأويل قول الله عز وجل :﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ ) [النساء: ٢٤] رقم (٣٣٣٥) ص ٢٣٠٣ بنحوه.
(٨) لم أقف عليه في سنن ابن ماجه، وقد تكرر هذا الحديث نفسه في القسم الأول من الدراسة.
(٩) أخرجه عبد الرازق في تفسيره رقم (٥٤٩) ١/٤٤٦ بنحوه.
(١٠) ينظر : أضواء البيان ١/١٩٦.

من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي - ﷺ - :"كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء(١)، هل تجدون فيها من جدعاء(٢) "، وما رواه مسلم في صحيحه(٣) عن عياض بن حمار بن أبي حمار التميمي(٤) قال : قال رسول الله - ﷺ - :" إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم".
(١) البهيمة الجمعاء هي : السليمة من العيوب، المجتمعة الأعضاء كاملتها، فلا صدع بها، ولا كيّ، سميت بذلك لاجتماع السلامة لها في أعضائها.
... ينظر: غريب الحديث لأبي محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ( المتوفى سنة ٢٧٦هـ )، تحقيق : د. عبدالله الجبوري، مطبعة العاني، بغداد، الطبعة الأولى، ١٣٩٧هـ، ١/٣٥١.
وينظر : لسان العرب لابن منظور ٢ / ٦٨٢ ( جمع )، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، ص ٦٣٩ (ج م ع).
(٢) الجدعاء من المعز : المقطوع ثلث أذنها فصاعداً، وناقة جدعاء : قطع سدس أذنها، أو ربعها، أو ما زاد على ذلك إلى النصف.
... ينظر : معجم مقاييس اللغة لابن فارس ٣/٤٥٠ (جدع)، ولسان العرب لابن منظور ١/٥٦٧ (جدع)، ومختار الصحاح للرازي ص٩٦ (ج د ع).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب (الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار) رقم (٧٢٠٧) ص١١٧٤ بنحوه.
(٤) عياض بن حمار بن أبي حمار بن ناجية بن عقال التميمي المجاشعي، صحابي سكن البصرة، روى عنه مطرف، ويزيد ابنا عبدالله بن الشخير والحسن وغيرهما، كان صاحباً قديماً لرسول الله - ﷺ -، عاش إلى حدود الخمسين.
... ينظر: الاستيعاب لابن عبدالبر ص٥٨٩، والإصابة لابن حجر ٤/١١٠.

اعلم أن الصلب المذكور في قوله :﴿ أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾ اختلف فيه العلماء، فقيل : يصلب حياً، ويمنع من الطعام والشراب حتى يموت، وقيل : يصلب حياً، ثم يقتل برمح ونحوه مصلوباً، وقيل : يقتل أولاً، ثم يصلب بعد القتل، وقيل : يُنْزَل بعد ثلاثة أيام، وقيل : يترك حتى يسيل صديده، والظاهر أنه يصلب بعد القتل زمناً يحصل فيه اشتهار ذلك ؛ لأن صلبه ردع لغيره ](١).
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله- في المراد بالصلب في قوله تعالى: ﴿ أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾ أنه يقتل أولاً، ثم يصلب بعد القتل.
دراسة الترجيح:
قال بعض المفسرين : إن المراد بالصلب في قوله تعالى :﴿ أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾ أن يقتل أولاً، ثم يصلب بعد القتل زمناً يحصل فيه اشتهار ذلك، وممن قال بذلك من المفسرين:
البغوي(٢)، والألوسي(٣).
وقال بعضهم: يصلب حياً ويمنع من الطعام والشراب حتى يموت، وممن قال بذلك:
ابن العربي(٤)، والشوكاني(٥).
وقال آخرون : يصلب حياً ثم يقتل برمح ونحوه مصلوباً، وممن قال بذلك:
ابن عطية(٦)، والنيسابوري(٧)، والزمخشري(٨)، وأبو السعود(٩)، وابن عاشور(١٠)، وغيرهم.
تحرير المسألة:
الذي يظهر - مما تقدم - أن المراد بالصلب في قوله تعالى :﴿ أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾ الآية، أن يصلب حياً، ثم يقتل برمح ونحوه كما عليه أكثر المفسرين ؛ لأن في صلبه حياً ثم قتله، تحقيق للحكمة من الصلب أكثر من صلبه بعد قتله.
قال ابن العربي: (( والصلب حياً أصح ؛ لأنه أنكى وأفضح، وهو مقتضى معنى الردع الأصلح )) (١١).
(١) أضواء البيان ١/٣٠٢.
(٢) معالم التنزيل ٢/٣٣.
(٣) روح المعاني ٦/١١٩.
(٤) أحكام القرآن ٢/٧٤.
(٥) فتح القدير ٢/٣٦.
(٦) المحرر الوجيز ٢/١٨٥.
(٧) إيجاز البيان ١/٢٢٨.
(٨) الكشاف ١/٦٠٩.
(٩) إرشاد العقل السليم ٣/٣١.
(١٠) التحرير والتنوير ٦/١٨٣.
(١١) أحكام القرآن ٢/٧٤.

من قال : لا زكاة في الرمان وهم جمهور العلماء، ومن قال لا زكاة في الزيتون يلزم على قول كل منهم، أن تكون الآية التي نحن بصددها التي هي قوله تعالى :﴿ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: ١٤١] منسوخة أو مراداً بها غير الزكاة ؛ لأنها على تقدير أنها محكمة، وأنها في الزكاة المفروضة لا يمكن معها القول بعدم الزكاة في الزيتون والرمان؛ لأنها على ذلك صريحة فيها ؛ لأن المذكورات في قوله تعالى :﴿ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ﴾ [الأنعام: ١٤١] يرجع إلى كلها الضمير في قوله :﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ ﴾ :[الأنعام : ١٤١ ]، وقوله :﴿ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: ١٤١] كما هو واضح لا لبس فيه، فيدخل فيه الزيتون والرمان دخولاً أولياً لا شك فيه، فقول أكثر أهل العلم بعدم الزكاة في الرمان يقوي القول بنسخ الآية، أو أنها في غير الزكاة المفروضة - والله تعالى أعلم -] (١)٠
فالراجح عند الشنقيطي - يرحمه الله - في المراد بحقه في هذه الآية: أنه حق مفروض قبل الزكاة ثم نسخ بها، أو أن المراد به غير الزكاة المفروضة؛ لأن أكثر أهل العلم يقول بعدم الزكاة في الرمان، فرجّح قولين من ثلاثة أقوال.
دراسة الترجيح:
قال أكثر المفسرين: المراد بحقه في هذه الآية: الزكاة المفروضة، ومن القائلين بذلك :
عبدالرزاق الصنعاني(٢)، وأبو عبيد القاسم بن سلام(٣)،
(١) أضواء البيان ١/٣٧٦.
(٢) تفسير عبدالرزاق ٢/٦٧.
(٣) الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: محمد ابن صالح المديفر، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى ١٤١١هـ، ص٣٣.
... وأبو عبيد هو: القاسم بن سلام الهروي البغدادي، أحد الأعلام، صاحب التصانيف، إمام ثقة فقيه مجتهد، كان إماماً في القراءات، حافظاً للحديث وعلله، عارفاً بالفقه، رأساً في اللغة، توفي سنة ٢٢٤هـ.
... ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي ١٠/٤٩٠، ومعرفة القراء الكبار للذهبي ١/٣٦٠، وشذرات الذهب لابن العماد ٢/١٥٧.

وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ 'دoTûq'f¯"utéBr& فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ 'دn١u' $Z"ّ‹x© وَسِعَ 'دn١u' كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) }... ٨٠... ٣٤٢، ٣٤٤
﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ بû÷üs)ƒحچxےّ٩$# '،xmr& بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) ﴾... ٨١... ٣٤٦، ٣٤٧
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ (#ûqف، خ٦ù=tƒ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ tbrك‰tGôg-B (٨٢) ﴾... ٨٢... ٣٤٦
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا !$yg"sYّٹs؟#uن zOٹدd¨uچِ/خ) عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ âن!$t±°S إِنَّ رَبَّكَ يO‹إ٣xm زOٹد=tو (٨٣) ﴾... ٨٣... ٥٢، ٣٤٢، ٣٤٤، ٣٤٦، ٣٤٧، ٣٤٨
﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا uچد.èŒ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا tPچxm عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا َOè؟ِ'حچنـôت$# إِلَيْهِ وَإِنَّ #[ژچدWx. لَيُضِلُّونَ Oخgح !#uq÷dr'خ/ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (١١٩) ﴾... ١١٩... ٥١، ٣٤٩، ٣٥٠
﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ حچx. ُ‹مƒ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى َOخgح !$u‹د٩÷rr& لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١) ﴾... ١٢١... ١٤٩
﴿ y٧د٩¨x‹x.ur جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ $ygٹدBحچôfمB لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا ِNخkإ¦àےRr'خ/ وَمَا يَشْعُرُونَ (١٢٣) ﴾... ١٢٣... ٣٥١، ٣٥٣


الصفحة التالية
Icon